صموت البرى غوثى الوشاح كأنها ... من الحسن بد زل عن غيم هطال
أتينا بها فوق الجمال حواسرا ... بلاد ملج باق عليها وخلخال
تركناهم عزلاً تطيح نفوسهم ... بلا ساكن فيهم مقيم ولا وال
فما الناس إلا نحن لا ناس غيرنا ... وما الناس إن وعد القوي بأمثال
قال معاوية: فكم ملك يا عبيد؟ قال: مائة سنة وثلاث وستين سنة. قال معاوية: فمن ملك بعده؟ قال: ملك بعده.
بعد أبيه - وكان رجلاً ضعيفاً لم يكن يغزو أحداً حتى مات ولم يبعث جيشاً - فأما أهل اليمن فيزعمون إنه كان يتحرج من الدماء. وأما أهل الرأي والمعرفة والبصر بالأمور فإنهم يقولون: لم يكن ذلك منه إلا عن قلة الترجبة وقلة الأنفة وصغر الهمة لأنه لم يحدث دعوة في ملكه، ولم يعبر عن دين ولا طريقة أحد ممن قبله. قال معاوية: وما تغير حال الملك؟ قال عبيد: يا أمير المؤمنين لم يكن يغير من شيء يفعله آباؤه ولا أزال شيئاً من جبروت الملك ولا أحدث تواضعاً ولا قرباً من الناس ولا زال عن تجبره وعتوه وأشد أمره باليمن لا يجاوز أرض اليمن إلى غيرها بلد عرب أو عجم.
قال معاوية: فكيف ملكهم يا عبيد وكيف استقام لهم أمرهم على تلك الحال؟ قال عبيد: لأنهم أحبوا الدعة والسكون وكانوا قد ملوا الغزو والحروب وكثرة المسير في البلدان. قال معاوية: فكم ملكهم على هذه الحال يا عبيد؟ قال: ملكهم خمساً وثمانين سنة. قال معاوية: فمن ملك بعده؟ قال عبيد: ملك ابنه تبع أسعد بن ملك يكرب وهو.
ويزعمون يا أمير المؤمنين إنه لما ملك أكثر الغزو في كل ناحية - وكان رجلاً مجرباً منجماً يعرف السعود من النحوس، ولا يخرج بقومه مخرجاً