لك النصيحة عندي وهي واجبة ... على ذوي الدين إن لم يسبق الآجل
فاستوقر اليوم من رزق خصصت به ... ولا تعد راجحاً ينأى بك الأجل
قال: فحفظت الشعر. وطلع إلي أبي والعبد معه والبعير فأخبرت أبي بما كان، وأنشدته الشعر. ثم أتينا إلى ما حفرنا أولاً فقلعنا الحجر، فإذا بشيخ يده مغلولة إلى عنقه بغل من حديد، في هامته وتد من حديد حتى نفذ من دبره، وأصبنا عند رأسه ورقه من ذهب مكتوب كتاباً لا نعرفه. فأخذنا الورقة، وأعدنا البلاطة إلى موضعها وأهلنا التراب على البلاطة حتى رجعت كما كانت. ثم أتينا البلاطة الثانية، فإذا تحتها عجوز مسودة الذوائب واضعة إحدى يديها على رأسها والأخرى على عورتها وإلى جانبها كتاب في لوح لا ندري ما هو، فأخذنا اللوح وأعدنا البلاطة وأهلنا التراب عليها. ثم قلعنا البلاطة الثالثة، فإذا تحتها سرب دقيق ضيق، فدخلناه فأصبنا خابيتين مكشوفتين فيهما رجلان متقاربة أسنانهما متشابهان عليهما حلل مرصعة بالذهب ورأينا كتاباً على الجرتين لا نعرف ما هو، وأصبنا مالاً كثيراً ذهباً وفضة وغير ذلك من الدر والياقوت ما لم ير مثله قط. فقال لي أبي: وثقنا بالله وبالغنى وحبور الدهر، فقلت له: يا أبت وكيف الخلود مع الفناء لا
خير فيما يفنى وأم مالنا في هذا قليل في حياة قصيرة؟ فأوقرنا جملنا ثم أوقرنا نحن لنحمل فلم نقدر أن ننهض به، فلم نزل ننقص منه ونريد النهوض فلم نستطع حتى أخذنا في أيدينا ياقوتة ودرة فلم نقدر نهوضاً بهما. فقال لي أبي: الق ما معك يا بني فقد أخذنا رزقنا، فعلمنا أنا منعنا غير ما صار إلينا، فقلت لهما: قد رأيتما ما كان وإياكم أن يعود أحد منا فيهلك، وإن العبد أسر على مواليه الرجعة، فأعتق أبي العبد وكثرت نعمنا ووهب للعبد مالاً جسيماً يتجر به، وإن العبد أخذ لذلك الموضع ما يصلحه فأخذ معه عونين وسار