السحوق أعمى ولحيته تناطح ركبته فراعني ما رأيت من عظم جسمه. فلما دنا مني قلت: يا شيخ عندي حاجتك، قال: ادن مني يا بني، فدنوت منه فوضع يده على منكبي فكأني أحس يده على عاتقي كالجبل. قال: إياد ابن نزار؟ قلت: نعم من أنبأك باسمي؟ قال لي: علمك عندي عن أبي عن جدي أن إياد بن نزار يرد
الحارث بن مضاض الجرهمي إلى مكة من بعد طول غربته. فكم عندك من الجمال؟ قلت: عشرة قال: يكفي. قلت: أمعك أحد غيرك؟ قال: لا ولكني أركب الجمل يوماً ويحيد قال: قلت أنا قد أنعمت له وبالله لا أرجع عن قولي أبداً، قال: قلت له نعم، قال: فمل بي عندك أبيت، فبات عندي، فلما أصبح رفع الناس يريدون مكة وحملت الشيخ أريد معهم مكة ليس معي أحد. فسرنا نهارنا أجمع إلى الأصل فحيد جمل فقطرته وحملته بالغداة على غيره فسرنا ولم يزل يحيد لي جمل في جمل حتى بلغنا مكة وعلونا جبل المطايخ، قال يا بني: أحس الجمل يجرني جراً أواقع جزت جبل المطابخ؟ قلت له: نعم، قال لي: أيجاورك أحد يسمع كلامي، قلت له: لا - قوماً أخرت وقوماً قدمت - قال: أتدري من أنا؟ قلت له: لا، قال لي: أنا الحارث بن مضاض بن عبد المسيح بن نفيلة بن عبد المدان بن حشرم بن عبد ياليل بن جرهم بن قحطان بن هود النبي صلى الله عليه وسلم - كنت ملك مكة وما والاها من الحجاز والتهائم إلى هجر والأنعمين وحضر العالمين إلى مدائن ثمود وكان الملك قبلي أخي عمرو بن مضاض - وكنا أهل تيجان - كنا نعلق التاج يوماً على رؤوسنا ويوماً على الرتاج بالبيت العتيق، وأنه أتى رجل من بني إسرائيل بدر وياقوت تاجراً إلى مكة واشترى الملك أخي عمرو ما أتى به من الدر والياقوت ونقض الملك التاج