ومال، وصديق، وشبهها - تسلى بحلاوة إيمانه، والإيمان خير عوض للمؤمن عن كل مفقود، كما هو مشاهد مجرب.
وفقد المحبوب - في الحقيقة - معدود من المصائب. ولولا أن يعقوب -عليه الصلاة والسلام- عنده من الإيمان ما يهون عليه مصيبته في فقد يوسف مع شدة حبه العظيم، بحيث قال لإخوته - لما طلبوا منه بعض يوم، أن يذهب معهم ليرتع ويلعب - {قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ} [سورة يوسف: 13] فأخبر أن المانع له من إرساله؛ أنه لا يصبر على فراقه ولا ساعة من نهار. ولكنهم عالجوه، وذكروا له الأسباب التي توجب له أن يرسله معهم؛ فأرسله {لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} [سورة الأنفال: 42] . فمن هذه حاله، وهذا حبه البليغ الذي لا يمكن المعبر أن يعبر عنه - هل يدخل في الذهن أنه يبقى هذه المدة الطويلة على الوجود؟ ! بل يغلب على الظن أن الحب يفتت كبده بأسرع وقت. ولكن قوة الإيمان، وقوة الرجاء بالله - أوجب له أن يتماسك كل هذه المدة، حتى جاء الله بالفرج الذي وعد به المؤمنون.
وكذلك؛ أم موسى - حين ذهبت اليم بموسى، وأصبح فؤادها فارغا من كل شيء إلا من الحزن على موسى - لولا أن الله ربط على قلبها بالإيمان، وعلمت أن وعد الله حق - لكادت تبدي بما في قلبها، وتصرح بمصيبتها. ولكن هو الإيمان، المثبت عند الشدائد، المسلي عند المصائب، المقوي إذا وهنت القوى، المعزي إذا عز العزا.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم، في وصيته العظيمة - في حديث ابن عباس، الصحيح الذي في السنن: " «تعرَّفْ إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة» " أي: تعرف إلى الله بالإيمان وأعمال الإيمان - وأنت صحيح غني قوي - يعرفك الله في الشدة