وذلك أن من خصائص الإيمان، أنه يثمر طمأنينة القلب وراحته، وقناعته بما رزق الله، وعدم تعلقه بغيره. وهذه هي الحياة الطيبة. فإن أصل الحياة الطيبة راحة القلب وطمأنينته، وعدم تشوشه مما يتشوش منه الفاقد للإيمان الصحيح.
6- ومنها: أن جميع الأعمال والأقوال إنما تصح وتكمل بحسب ما يقوم بقلب صاحبها من الإيمان والإخلاص.
ولهذا يذكر الله هذا الشرط الذي هو أساس كل عمل مثل قوله: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ} [سورة الأنبياء: 94] أي: لا يجحد سعيه، ولا يضيع عمله، بل يضاعف بحسب قوة إيمانه.
وقال: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [سورة الإسراء: 19] . والسعي للآخرة، هو العمل بكل ما يقرب إليها، ويدني منها من الأعمال التي شرعها الله على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
فإذا تأسست على الإيمان، وانبنت عليه، كان السعي مشكورا مقبولا مضاعفا، لا يضيع منه مثقال ذرة.
وأما إذا فقد العمل الإيمان، فلو استغرق العامل ليله ونهاره، فإنه غير مقبول. قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [سورة الفرقان: 23] .
وذلك؛ لأنها أسست على غير الإيمان بالله ورسوله، الذي روحه الإخلاص للمعبود، والمتابعة للرسول.
وقال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [سورة الكهف: 103 - 105]