وحكي أبو التمام المالكي عن مالك: أن الأمر عنده على الوجوب (?)، وإلى هذا ذهب البخاري في هذا الباب: أن الأمر والنهي على الوجوب إلا ما قام الدليل علي خلاف ذلك، وذهبت الأشعرية إلي أن النهي " يقتضي التحريم بل يتوقف فيه إلا أن يرد الدليل (?).
قال ابن الباقلاني: وقال هذا فريق من الفقهاء، وقال كثيرون من أصحاب الشافعي: إن الأمر موضوع للندب إلى الفعل فإن اقترن به ما يدل علي كراهية تركه من ذم أو عقاب كان واجبًا.
وقال كثير من الفقهاء: واستشهد عليه الشافعي بقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282]، وأمثاله مما ورد الأمر به على سبيل الندب، وقد دل بعض كلامه على أن مذهبه الوقف، وقال الأشعري وكثير من الفقهاء والمتكلمين: أنه محتمل للأمرين، وهذا الذي يقول به حجة الجماعة علي أن النهي على التحريم أنه موجب اللغة ومقتضاها، وأن من فعل ما نهي عنه استحق اسم العصيان؛ لأنه لا ينهى إلا عن قبيح قبل النهي وعما هو له كاره.
وقد فهمت الأمة تحريم الزنا، ونكاح المحرمات، والجمع بين الأختين، وتحريم بيع الغرر وبيع ما لم يقبض بمجرد نهي الله ونهي رسوله عن ذلك لا لشيء سواه.
وأما الحجة لوجوب الأوامر: فإن الله تعالى أطلق أوامره في كتابه ولم يقرنها بقرينة، وكذلك فعل رسوله، فعلم أن إطلاق الأمر يقتضي وجوبه، ولو افتقر إلا قرينة لقرنت به، والعرب لا تعرف القرائن،