ليس من صفته أن يسر بأمر باطل عنده لا يسوغ في شريعته، وكان أسامة أسود وزيد أبيض، فكان المشركون يطعنون في نسبه، وكان يشق ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسر بذلك لمكانهما منه، وقد كانت تُعرف من صحة القافة في بني مدلج وبني أسد ما قد شهر عنهما، ثم وردت السنة بتصحيح ذلك فصار أصلاً، والشيء إنما يصير شرعًا إما بالقول أو بالفعل أو بالإقرار، فلو كان إثبات النسب من جهته باطلاً لم يجز أن يقر عليه مجززًا، بل كان ينكره عليه، ويقول له: هذا باطل في
شريعتي، فلما لم ينكره وسر به كان سنة.
إذا تقرر ذلك: فمذهب مالك في المشهور عنه أن الحكم بالقافة ثابت في أولاد الإماء دون الحرائر (?)، كذا في كتاب ابن بطال (?)، وقال ابن التين: لم يختلف مذهبه فيه، واختلف في الحرائر. وفي "المدونة" (?): لا يحكم بها في ذلك.
وروى ابن وهب عنه: أن الحكم بها في ولد الزوجة وولد الأمه، وهو قول الشافعي.
قال ابن القصار: وصورة الولد الذي يدعيه الرجلان من الأمة: هو أن يطأ إنسان أمته ثم يبيعها من آخر فيطؤها الثاني قبل الاستبراء من الأول فتأتي بولد لأكثر من ستة أشهر من وطء الثاني قبل الاستبراء من الأول، فإن حكم القافة هنا واجب، فإن أتت به لأقل [من ستة أشهر] (?) من وطء الثاني فالولد للأول.