وخالف الثوري وأبو حنيفة وأصحابه والكوفيون، فقالوا: الحكم بها باطل؛ لأنه تخرص (وحدس) (?)، ولا يجوز ذلك في الشريعة (?).
قالوا: وليس في حديث الباب حجة في إثبات الحكم بها؛ لأن أسامة قد كان ثبت نسبه قبل، فلم يحتج الشارع في ذلك إلى قول أحد، ولولا ذلك لما كان دعاء أسامة فيما تقدم إلى أبيه زيد، وإنما تعجب من إصابة مجزز كما يتعجب من ظن الرجل الذي يصيب بظنه حقيقة الشيء، ولا يجب الحكم بذلك وترك الإنكار عليه؛ لأنه لم يتعاط بقوله إثبات ما لم يكن ثابتًا فيما تقدم، هذا وجه الحديث كما زعمه الطحاوي (?)؛ ولأن عائشة قالت: كان النكاح في الجاهلية على أربعة أنحاء، فمنه أن يجتمع الرجال ذوو العدد على المرأة لا تمتنع ممن جاءها، وهن البغايا فيطؤها كل من دخل عليها، فإذا حملت ووضعت جمع لها القافة، فأيهم ألحقوه به صار أباه لا يمتنع من ذلك، فلما بعث الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - هدم نكاح الجاهلية وأقر نكاح الإسلام (?).
قال: وقد روي عن عمر من وجوه صحاح ما يدل على ما ذكرنا، وروي نحوه عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال الأولون: لو كان قول مجزز على جهة الظن والحدس، وعلى غير سبيل الحق والقطع بالصحة، لأنكر ذلك الشارع عليه، ولقال له: ما يدريك؟ ولم يسر بذلك؛ لأنه