قال ابن المنذر: وحديث جابر مستغنى به عن قول كل أحد، وإنما نهى أن يستثني مجهولًا من معلوم، فأما إذا علم المستثنى فذلك جائز.
ومن خالف حديث جابر يستثني برأيه، فيما لا سنة فيه، كالدار يبيعها الرجل، وقد أكراها مدةً معلومة. أن سكناها للمكتري على المشتري إلى انقضاء المدة. فإذا جاز هذا، ولا سنة فيه، فالسنة الثابتة أولى أن يستن بها.
قال المهلب: وممن روى: "ظَهْرُهُ إِلَى المَدِينَةِ" يدل على أنه تفضل عليه بركوبه إلى المدينة، ولم يكن من اشتراط جابر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصل البيع، ويؤكد ذلك رواية من روى (فأفقره ظَهْرَهُ إِلَى المَدِينَةِ). والإفقار: لا يكون إلا تفضلًا فتكون رواية من روى: (وشرط له ظهره إلى المدينة) شرط تفضل؛ لأن القصة كلها جرت على وجه التفضل من الشارع والرفق بجابر؛ لأنه وهبه الجمل بعد أن أعطاه ثمنه وزاده زيادة.
وكيف يشترط عليه جابر ركوبه، وحين قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بعنيه"، قال له جابر: هو لك يا رسول الله. فلم يقبله إلا بثمن رفقًا به (?). كما سلف في الوكالة في باب: إذا وكل رجلًا أن يعطي شيئًا ولم يبين كم يعطي؟