وقالت طائفة: إذا اشترط ركوب الدابة، أو خدمة العبد، أو سكنى الدار فالبيع فاسد. هذا قول الكوفيين، والشافعي، وقالوا: قد ورد حديث جابر بلفظ الإفقار والهبة، وهو أولى من حديث الاشتراط. قالوا: ولا يخلو شرط ركوب البائع أن يكون ركوبًا مستحقًّا من مال المشتري، فيكون البيع فاسدًا؛ لأنه شرط لنفسه ما قد ملكه المشتري، أو يكون استثناؤه الركوب أوجب بها الركوب في مال البائع. فهذا محال؛ لأن المشتري لم يملك المنافع بعد البيع من جهة البائع، وإنما ملكها؛ لأنها طرأت في ملكه، وكذلك سكنى الدار ونحوها، واحتج عليهم من خالفهم فقال: لا خلاف بيننا أنه لو باع نخلًا عليها ثمر قد أُبِّر وبقاها لنفسه أنه جائز، والثمرة تبقى على نخل المبتاع إلى وقت جدادها وقد باع النخل، واستثنى منفعة تلك الثمرة لنفسه، وجاز ذلك فكذلك في مسألتنا.

وقد أجمعوا على جواز الغرر اليسير في البيوع، وقد أجازه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وروي عن عثمان أنه ابتاع دارًا، واشترط لنفسه سكناها مدةً معلومة (?). وعثمان إمام فعل ذلك بين الصحابة، فلم ينكر أحد.

فإن قالوا: إنه - عليه السلام - نهى عن بيع وشرط؛ قيل: الذي نهى عن ذلك هو الذي جوَّز البيع والشرط في حديث جابر فدل أن الحديث مخصوص فإن من الشروط ما يجوز ومنها ما لا يجوز، وقد قال: "المؤمنون على شروطهم" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015