فَإِنْ قَتَلَهُ خَطَأً جَرَى الْقَوْلانِ فِي الدِّيَةِ
فعلى المشهور تكون الدية لأولياء القتيل الأول، وعلى الشاذ لا يكون لأولياء الأول شيء من الدية ويكون لأولياء القتيل الثاني. وظاهر قوله: (جَرَى الْقَوْلانِ) ليسا منصوصين هنا، أو العقل وليس كذلك، بل هما منصوصان أيضاً.
فَإِنْ فُقِئَتْ عَيْنُ الْقَاتِلِ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَشِبْهُهُ عَمْداً أَوْ خَطَأً فَلَهُ الْقَوَدُ والْعَفْوُ وَالْعَقْلُ وَلاَ سُلْطَانَ لِوُلاةِ الْمَقْتُولِ ...
يعني: أن الأطراف لا تدخل تحت النفس، فلا يلزم من استحقاق الأولياء دم القاتل أن يستحقوا أجزاءه، فلذلك كان القاطع إذا قطعت يده أو فقئت عينه أو فعل به شيء عمداً أو خطأً القود في العمد والعقل في الخطأ، واختلف في عكس هذا، وهو إذا قطعت يد رجل عمداً ثم قتل القاطع خطأ أو عمداً فصالح أولياؤه في العمد على مال، فقيل: لا شيء لمن قطعت يده؛ لأن الدية إنما أخذت عن النفس. وقال محمد: إن أخذ الدية في الخطأ أو العمد فللمقطوع يده أخذ حقه من ذلك، واستحسن اللخمي الأول.
فَلَوْ كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْقَاطِعَ فَكَذَلِكَ أَيْضَاً عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوْ كَانَ سُلِّمَ لَهُ
أي: ولي المقتول هو الذي قطع من القاتل يده أو نحوها عمداً أو خطأ، والإشارة بذلك إلى القود والعفو والعقل، المشهور من مذهب المدونة، فيكون للقاتل أن يقتص من الولي، ثم للولي أن يقتله. وقال: (وَلَوْ كَانَ سُلِّمَ لَهُ) لئلا يتوهم المتوهم أن الخلاف قبل التسليم، وأما بعد فقد استحقوه حقيقة ولا يلزم الولي شيء، فبيَّن المصنف أنه لا فرق.
ابن عبد السلام: وأفاد تأخير المبالغة إلى القول الشاذ فيهما [698/ب] قبل تسليم الجاني، وأما قبل تسليمه فلا، بخلاف ما لو قال: ولو كان سلم له على المشهور فإنه يوهم أن الخلاف مقصور على ما بعد التسليم، وعزا في الجواهر الشاذ لابن القاسم في الواضحة،