وعلله بأن النفس كانت لهم، قال: وليعاقبهم الإمام، وأشار أبو عمران إلى أنه لو سلم القاتل إلى الأولياء ليقتلوه فجرحه الولي، ففلت بنفسه أنه لا شيء عليه. قال: وإنما يقتص منه إذا قصد إلى جرحه، وإن غاب عليه أولياء المقتول فأصيب- قد قطعت يداه أو رجلاه - فقالوا: إنما أردنا قتله، فاضطرب حتى أصابه ذلك، فالقول في ذلك قولهم.
الثَّالِثُ: الْقَاتِلُ، وشَرْطُهُ: أَنْ يَكُونَ بَالِغاً، عَاقِلاً، غَيْرَ حَرْبيَّ، وَلا مُمَيَّزٍ عَنِ الْمَقْتُولِ بإِسْلامٍ مُطْلَقاً وَحُرِّيَّةٍ مَعَ تَسَاوِيهِمَا ...
الركن الثالث: القاتل الذي يقتص منه، وذكر لشرطه أربعة أجزاء؛ الأول: (أَنْ يَكُونَ بَالِغاً) فلا قصاص على صبي. الثاني: أن يكون (عَاقِلاً) فلا قصاص على المجنون. الثالث: أن يكون (غَيْرَ حَرْبيٍّ) لأن الحربي لا يقتص. الرابع: ألا يكون (مُمَيَّزٍ) بأحد وصفين؛ أولهما: الإسلام، فلا يقتل مسلم بكافر.
وقوله: (مُطْلَقاً) يعني: إن تميز القاتل بالإسلام، وغن كان عبداً مانعاً من القصاص، وإن كان مقتوله حرًّا.
ثانيهما: ألا يكون مميزاً عن المقتول بحرية، فلا يقتل حر بعبد. وقوله: (مَعَ تَسَاوِيهِمَا) أي: في الدين؛ لأنه لو تميز القاتل بالحرية والمقتول بالإسلام لاقتص من القاتل على المشهور كما سيأتي.
فَلا قِصَاصَ عَلَى صَبيٍّ وَلا مَجْنُونٍ بخِلافِ السَّكْرَانِ، وَعَمْدُهُمَا كَالْخَطَأِ، فَلِذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الُعَاقِلَةِ مُطْلَقاً إِنْ بَلَغَتِ الثُّلُثَ، وَإِلا فَفِي مَالِهِ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ كَخَطَئِهِ وَخَطَأِ غَيْرِهِ ...
هذا بيان ما احترز عنه، والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام:"رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ". يعني: النائم حتى يستيقظ، وعن الغلام حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق.