وَأَمَّا مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فَمَعْصُومٌ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ، فَإِنْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيُّ عَمْداً فَدَمُهُ لأَوْلِيَاءِ الأَوَّلِ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَإِنْ أَرْضًاهُمْ أَوْلِيَاءُ الثَّانِي فَدَمُهُ لَهُمْ. وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لا شَيْءَ لأَوْلِيَاءِ الأَوَّلِ كَمَوْتِهِ ...
قوله: (فَإِنْ قَتَلَهُ) أي: القاتل (أَجْنَبِيٌّ) أي: عمداً احترازاً من الخطأ وسيأتي (فَدَمُهُ) أي: دم الأجنبي لأولياء الأول؛ أي: المقتول الأول على المشهور، وهو مذهب المدونة؛ لأن أولياء الأول استحقوا نفسه فكانوا أحق بما يكون عيناً من قصاص ودية.
وقوله: (فَإِنْ أَرْضَاهُْ) هو تفريع على المشهور، وهو أن دم الأجنبي لأولياء الأول إلا أن يرضيهم أولياء القتيل الثاني فيكون دمه لهم، وظاهر قوله: (فإن أرضاهم) أنه موقوف على اختيار أولياء الأول، وأن لهم ألا يرضوا بما بذلوا لهم من الدية وأكثر منها وهو مذهب المدونة. وقال ابن الماجشون في المبسوط: لولي الثاني أن يدفع الدية إلى ولي الأول ويقتص هو لنفسه، وفهم اللخمي منه إجبار أولياء الأول على قبول الدية.
قوله: (وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لا شَيْءَ لِأَوْلِيَاءِ الأَوَّلِ كَمَوْتِهِ) لأن حقهم كان معلقاً بعينه، وهذا يقابل المشهور.
وَكَذَلِكَ لَوْ قُطِعَتْ يَمِينُ قَاطِعِ الْيَمِينِ وَنَحْوُ ذَلِكَ
فتأتى القولان، فعلى المشهور يكون القطع للمقطوع أولاً وهو ظاهر ابن القاسم في الموازية، وإن قطع يد رجل من المنكب فعدا رجل على القاطع فقطع يده من المنكب؛ أنه يقال للمقطوع يده من المنكب: إن شئت فاقتص من قاطع قاطعك من المنكب فقط ولا شيء لك غير ذلكن ويخلي بينه وبين من قطع كفه فيقتص منه ما بقي من يده بعد الكف من المنكب قصاصاً للمقطوع الأول. اللخمي: وقول محمد أحسن.
ابن عبد السلام: وفيه بعد؛ لأنه يقطع رجلين في موضعين مختلفين، ولم يتول قطعه منهما غير واحد.