رضي الله عنه أوصى على تلك الحال، وأنفذ المسلمون وصاياه، ويلزم أيضاً ألا يخاطب بالصلاة، وهو خلاف ما أشار إليه عمر- رضي الله عنه- من لزومها حينئذٍ بقوله: ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة.
ابن رشد: ولو قيل: يقتلان معاً، لكان لذلك وجه.
الثَّانِي: الْقَتِيلُ، وَشَرْطُهُ: أَنْ يَكُونَ مَعْصُومَ الدَّمِ بإِسْلامٍ، أَوْ جِزْيَةٍ، أَوْ أَمَانٍ، وَانْتِفَاءُ مُوجَبٍ لا عَفْوَ فِيهِ ...
الركن الثاني: (الْقَتِيلُ) أي: الذي يقتل قاتله أن يكون معصوم الدم، وعصمته إما بالإسلام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها".
وأما بجزية؛ لقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ باللهِ} إلى قوله:} حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29].
وأما بأمان؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ استَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَمَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَامَنَهُ} [التوبة: 6].
قوله: (وَانْتِفَاءُ مُوجَبٍ) مرفوع بالعطف على (أَنْ يَكُونَ) أي: وشرطه انتفاء موجب لا عفو به، واحترازاً ممن وجب عليه القصاص؛ لأن للولي أن يعفو عنه، فلو قتله غير الولي قتل به.
وَلا قِصَاصَ فِي مُرْتَدٍّ وَلا زِنْدِيقٍ وَلا زَانٍ مُحْصَنٍ، نَعَمْ يُؤَدِّبُ فِي الافْتِئَاتِ
هذا بيان لما احترز عنه بقوله: (وَانْتِفَاءُ مُوجَبٍ) ويحتمل أن يعود إلى القيد الأول، هو العصمة بالإسلام، وإذا انتفى القصاص عن قاتل المرتد مع أن المذهب استنابته، فلأن ينتفي في الزنديق من باب أولى لتحتم قتله، ونص سحنون على نفي القصاص عن قاتل المرتد ولو كان القاتل نصرانياً، وتأديب قاتل هؤلاء ظاهر لافتئاته على الإمام.