قوله: (مُمَالأَةٍ) يعني: وإن لم يتمالئوا بل قصد كل منهم إلى ضربه، قدم الأقوى: أي: من كان القتل عن ضربه ليتعين للقتل، ويقتص من كل واحد مما جرح وتلك عقوبته، هذا هو النقل لا كما يعطيه ظاهر كلام المصنف من أن المراد بالعقوبة خلاف القصاص، نعم يتعين التأديب في غير الجراحات كضرب بالعصا ونحوه.

تنبيه:

ما ذكره المصنف من تقديم الأقوى ومعاقبة الآخر مقيد بما إذا عرفت الضربات كما ذكرنا، وإن لم يعرف جرح كل واحد، ففي النوادر عن مالك: يقتلون كلهم إن مات مكانه، وإن لم يمت ففيه القسامة، وفي اللخمي خلافه، وانه إذا أنفذ أحد ولا يدري من هو أو من أي الضربات مات؛ أنه يسقط القصاص، أعني: إذا لم يتعاقدا على قتله وتكون الدية في أموالهم.

فَلَوْ جَرَحً الأَوَّلُ ثُمَّ جَزَّ الثَّانِي الرَّقَبَةَ قُتِلَ الثَّانِي

هذا مثال للمسألة السابقة، والله أعلم.

فَلَوْ أَنْفَذَ أَحَدُهُمَا الْمَقَاتِلَ ثُمَّ أَجْهَزَ الثَّانِي فَفِي تَعْيينِ ذِي الْقِصَاصِ مِنْ ذِي الْعُقُوبَةِ قَوْلانِ لابْنِ الْقَاسِمِ ...

تصور المسألة ظاهر، واتفق على أنه لا يقتص منهما، واتفق على أنه يقتص من أحدهما، ويعاقب الآخر ويقتل الأول ومعاقبة الثاني، قال أشهب وغيره: وعليه ولا يرث ولا يورث، إلا أنه كالميت. ابن القاسم في تتميمه هذا القول [698/أ]: ويبالغ في عقوبة الثاني، وقد أتى عظيماً، وإن كان المجروح قد أكل وشرب.

سحنون: ويقتل بغير قسامة، لكن يلزم على الأول أمور شنيعة، وهو إذا كان كالميت لا تجوز وصاياه، وقد ذهب إلى ذلك أصبغ، وهو خلاف ما أجمع عليه الصحابة؛ لأن عمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015