وَيَشْهَدُ الأَصَمُّ فِي الأَفْعَالِ، وَالأَعْمَى فِي الأَقْوَالِ
قدم المصنف الأصم للاتفاق عليه، وللإيماء إلى الاستدلال على أبي حنيفة والشافعي في عدم قبولهما شهادة الأعمى، والخلاف مبني على أنه هل يمكن أن يحصل له علم ضروري بأن هذا صوت فلان أم لا، واحتج مالك للقبول بقوله صلى الله عليه وسلم: "إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم" فأمر بالإمساك عند ندائه وهو لا يعلم إلا بالصوت، وبأن الناس كانوا يأخذون عن أزواجه صلى الله عليه وسلم وهم إنما يسمعون منهن من وراء حجاب.
ربيعة: ولو لم تجز شهادة الأعمى لما جاز وطء أمته ولا زوجته، لأنه لا يعرفها إلا بكلامها.
وَفِي الاعْتِمَادِ عَلَى الْخَطِّ فِي ثَلاثَةِ مَوَاضِعَ- خَطُّ الْمُقِّرِ، وَخَطُّ الشَّاهِدِ الْمَيِّتِ أَوِ الْغَائِبِ، وَخَطُّ نَفْسِهِ- طَرِيقَانِ: الأُولِ: إِجْمَالُ الْمَذْهَبِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ، ثَالِثُهَا: تَجُوزُ فِي الأَوَّلِ خَاصَّةً، وَرَابِعُهَا: وَفِي الثَّانِي. وَالْغَيْبَةُ الْبَعِيدَةُ قِيلَ: مَسَافَةُ الْقَصْرِ، وَقِيلَ: مِثْلُ مَكَّةَ مِنَ الْعِرَاقِ ..
هكذا حكى ابن شاس الطريقين، و (طَرِيقَانِ) مبتدأ خبره (وَفِي الاعْتِمَادِ).
وفي بعض النسخ (الأُولَى: إِجْمَالِيَّةُ) وفي بعضها: (الأُولِ: إِجْمَالي) وهما على تأنيث الطريق وتذكيره، وفي بعض النسخ: (الأُولَى: إِجْمَالِي) أي: طريق إجمالية، وفي بعضها: (الأُولَى: إِجْمَالُ) أي: ذات إجمال.
وقوله: (ثَالِثُهَا .. إلخ) فيكون القول الأول الجواز في الثلاثة، والثاني عكسه، والثالث: الجواز في خط المقر دون الآخرين، والرابع: تجوز في خط المقر وخط الشاهد الغائب أو للميت ولا تجوز في خط نفسه، وقد علمت أن الأول أقواها والثاني يليه؛ لأن كل من قال بالإجازة في الأخير أجاز فيهما.