وفهم من قول المصنف: (الْمَيِّتِ أَوِ الْغَائِبِ) أنها [675/ ب] لا تجوز على الحاضر، وكذلك الغائب القريب، لأن امتناع الشاهد من أداء شهادته مع قرب موضعه من القاضي ريبة، فلذلك اختلف في تحديد الغيبة على ما ذكره المصنف، والتحديد بمسافة القصر لابن الماجشون، والتحديد الثاني لأصبغ.

ابن عبد السلام: والأحسن قول سحنون عدم التحديد إلا فيما ينال الشاهد فيه المشقة، والقاضي يعلم ذلك عند نزوله، هذا ما فهمته من كلامه وجرت العادة عندنا أن اختلاف عمل القضاة يتنزل منزلة البعد، وإن كان ما بين العملين قريباً؛ لأن حال الشاهد يعلم في بلده وعند قاضيه، ولا يعلم حاله في غير بلده، وفيه مع ذلك ضعف؛ فإن الذي يشهد على خطه كالناقل عنه، ولابد أن يعدل الناقل من نقل عنه، أو تكون عدالته معلومة عند القاضي.

الثَّانِيةُ: تَفْصِيلُ؛ أَمَّا عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ فَجَائِزَةُ كَإِقْرَارِهِ وَلا يَحْلِفُ عَلَى الأَصَحِّ

ظاهره أنه يتفق هنا على القبول، وكذلك قال ابن المواز وابن سحنون. قال في البيان: لم يختلف في ذلك قول مالك ولا قول أحد من أصحابه فيما علمت، إلا ما روي عن محمد بن عبد الحكم: لا تجوز الشهادة على الخط، وأطلق.

ابن عبد السلام: وما حكاه من الخلاف في اليمين ليس بجيد؛ فإن الذين ذكروا الخلاف في الحلف إنما هم أصحاب الطريق التي ذكروا فيها الخلاف في إعمال الشهادة على خط المقر، ومن رأى الاتفاق على إعمالها لم يحتج إلى زيادة اليمين. وكان حق المصنف أن يذكر الخلاف في اليمين في الطريق الأول لا في هذه.

وفي الجلاب: إذا ادعى رجل على رجل دعوى فأنكرها فشهد له شاهدان على خطه دون لفظه ففيها روايتان: إحداهما أنه يحكم له بالشهادة على الخط، والأخرى أنه لا يحكم بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015