وقوله: (وَفِي نَقْضِهِ بِفَاسِقَيْنِ قَوْلانِ) القولان لمالك، وهما في المدونة، ففي الشهادات: ينتقض كقول ابن القاسم، وفي الحدود: لا ينقض كقول أشهب، وبقول أشهب قال سحنون، وزاد سحنون فقال: وينتقض أيضاً بظهور أحد الشاهدين مولى عليه.

قال اللخمي: والأحسن ألا ينتقض في المولى عليه؛ لأن الخلاف في شهادته شهير في المذهب، وإن تبين أن قضاء القاضي وقع بشهادة عدوين أو قريبين فأجراه بعضهم على مسألة الفاسقين، ورده المازري بنحو ما قدمنا عنه.

وَلَوْ حَدَثَ بَعْدَ أَدَاءٍ الشَّهَادَةِ بَطَلَتْ مُطْلَقاً، وَقِيلَ: إِلا بِنَحْوِ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ

ضمير (حَدَثَ) عائد على الفسق المفهوم من فاسقين.

(بَطَلَتْ) أي: الشهادة.

(مُطْلَقاً) سواء كانت مما يستسر به كالزنى والسرقة والشرب أو لا كالقتل والجراح، وقيل: إنها تبطل فيما يستسر به لا الجراح والقتل؛ لأنه يؤمن من القتل والجراح من تقدم ذلك قبل أدائه الشهادة، بخلاف ما يستسر به، وهذا قول ابن الماجشون، والأول لمطرف وأصبغ وابن القاسم.

وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا عَبْدُ أَوْ ذِمِّيُّ نُقِضَ وَرُدَّ الْمَالُ إِلا أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهَدِ الْبَاقِي، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَأَخَذَ مَالَهُ، فَإِنْ نَكَلَ فَلا شَيْءَ لَهُ ..

يعني: وإن ظهر المانع في أحد الشاهدين فقط بعد أن قضى بمال بشهادتهمابقي الحكم موقوفاً؛ لأنه بقي مستنداً إلى شاهد واحد، فإن حلف الطالب مع الشاهد الباقي فلا ينتقض، فإن نكل الطالب حلف المطلوب واسترجع المال، هكذا قال في المدونة في باب الرجم، وكمله في كتاب ابن سحنون كما ذكر المصنف فقال: فإن نكل- أي: المحكوم عليه- فلا شيء له، وفي بعض النسخ: (عَلَيْهِ) أي: على الطالب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015