وَيَحْلِفُ فِي الْقِصَاصِ مَعَ رَجُلٍ مِنْ عَصَبَتِهِ خَمْسِينَ يَمِيناً

يعني: إن ظهر أن أحد الشاهدين عبد أو ذمي في غير المال، وكان ذلك في القصاص؛ أي: في النفس.

قوله: (خَمْسِينَ يَمِيناً) حلف ولي الدم، ولا يحلف وحده كسائر الحقوق، بل لابد من رجل آخر معه من عصبته فأكثر، كما سيأتي في بابه أنه لا يحلف في العمد أقل من رجلين.

وَيَكْفِي فِي كُلِّ يَمِينٍ: وَاللهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، وَلا يُزَادُ: الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، وَيَخْتِمُّ الْحُكْمُ ..

ذكر هذا- والله أعلم- هنا لرفع توهم أن اليمين في القصاص غير اليمين في المال لعظم حرمة الدماء، ولو سكت عنه لكان أحسن؛ لأنه سينبه على ذلك في فصل اليمين.

فَإِنْ نَكَلَ فِي الْقَطْعِ وَالْقِصَاصَ حَلَفَ الْمَقْطُوعُ بِأَنَّهَا بَاطِلَةُ، وَفِي الْقِصَاصِ رُدَّتِ الشَّهَادَةُ وَغَرِمَ الشَّاهِدُ وَالشُّهُودُ فِي الْقِصَاصِ وَالرَّجْمِ، وَقِيلَ: عَاقِلَهُ الإِمَامِ، وَقِيلَ: هَدَرُ، وَقِيلَ: إِنْ عَلِمَ الشُّهُودُ غَرِمُوا، وَإِلا غَرِمَ الْحَاكِمُ؛ وَقِيلَ: إِنْ عَلِمُوا بِهِمْ وَبِأَنَّهُمْ لا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ غَرِمُوا، وَإِلا فَهَدَرُ، وَلا غُرْمَ عَلَى الْعَبْدِ.

لما ذكر الحكم إذا ظهر أن أحدهما عبد أو ذمي وبين ما إذا حلف المقتص له تكلم على ما إذا نكل، وأتى بمسألة القطع تتميماً للفائدة؛ لأن الحكم فيها كالنفس، [673/ أ] وإلا فالمسألة السابقة إنما هي في القصاص من النفس، وفهم من كلامه أنه لو لم ينكل في القطع لتم القصاص، وهكذا سحنون في كتاب ابنه.

وقوله: (فَإِنْ نَكَلَ فِي الْقَطْعِ وَالْقِصَاصَ) اشتمل كلامه على مسألتين كما ذكرنا، ولذلك أجاب الشرط بجواب مركب من جزئين؛ أعني قوله: (حَلَفَ الْمَقْطُوعُ).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015