و (الْفِطْنَةِ) راجعة إلى (الظَّانِّ) وحذف مقابله وهو البلادة (وَالْغَوْرِ) راجع إلى (الْمَظْنُونِ) وحذف أيضاً مقابله ويحتمل أن ترجع (الْفِطْنَةِ) و (الْغَوْرِ) إلى كل منهما.
(وَقِيلَ: لابُدَّ مِنْ سَنَةٍ) أي: من حين إظهار التوبة؛ لأن الحكم مرتب عليها في مواضع كالعنين. والقول بالستة أشهر أضعف من القول بالسنة، قاله المازري.
وَزَوَالُ الْعَدَاوَةِ كَالْفِسْقِ
يعني: أن زوال العداوة يوجب قبول الشهادة، لكن ذلك يختلف بحسب طول الزمان وقرائن الأحوال، والمنصوص هنا أنهما إذا اصطلحا وطال الزمان قبلت شهادة أحدهما على الآخر، واختلفا مع القرب: فمنعه ابن الماجشون، وفي الموازية القبول مطلقاً، هكذا فهم اللخمي والمازري وغيرهما، وتشبيه المصنف يقتضي جريان الأقوال الثلاثة ويعز وجودها؛ اللهم إلا أن يقال: إنما يقصد المصنف التشبيه في الخلاف إذا لم يعين راجعاً، وأما إذا عينه فإنما يشبه في الراجح، وقد تقدم ذلك.
وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ قَضَى بِعَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ صَبِيَّيْنِ نُقِضَ الْحُكْمُ، بِخِلافِ رُجُوعِ الْبَيِّنَةِ، وَفِي نَقْضِهِ بِفَاسِقَيْنِ قَوْلانِ لابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ ..
يعني: إذا حكم الحاكم بشهادة شاهدين بعد الفحص عن حالهما ثم ظهر له أنهما عبدان أو كافران أو صبيان نقض الحكم اتفاقاً؛ لأن الحكم إنما كان مستنداً للشاهدين، وقد تبين أن شهادتهما بطلت، وخرج بعض أشياخ المازري خلافاً في العبدين من الفاسقين، بل أولى لوقوع الإجماع على عدم قبول شهادة الفاسق ووقوع الخلاف في قبول شهادة العبد، ورده المازري بأن الفسق معول القاضي فيه على الظن والاجتهاد فلا يأمن الغلط فيه ثانياً، كاجتهاد ظهر بعد الأول، فلا ينقض الأول له، بخلاف العبد، فإنه مقطوع به، فكان كنص ظهر بعد الاجتهاد.