شهدوا في الحال الأولى، وقول ابن القاسم في عبد حكم بشهادته يظن حريته فعلم بذلك بعد عتقه- أن الحكم الأول يرد، ثم يقوم الآن فيشهددون له.

واحترز أيضاً بقوله: (فِيمَا رُدَّ فِيهِ) مما لو قال القائم بشهادتهم للقاضي: "عند فلان العبد، أو فلان الصغير، أو النصراني" فقال القاضي: لا أجيز شهادة هؤلاء- فإن هذا ليس رداً لشهادتهم، وتقبل شهادتهم بعد ذلك؛ لأن كلامه إنما هو فتوى. قاله غير واحد.

وَكَشَهَادَةِ وَلَدِ الزِّنَى فِي الزِّنَى اتِّفَاقاً

هذا مثال السبب الثاني، وهو التأسي، وقيده بقوله: (فِي الزِّنَى) لأنها تقبل فيما عداه، وإنما ردت شهادته في الزنى لاتهامه فيها بحرصه على دفع المعرة عنه بأن يجعل غيره مثله، لأن المصيبة إذا عمت هانت، وإذا نزرت هالت، ولهذا قال عثمان رضي الله عنه: "ودت الزانية أن النساء كلهن يزنين".

قال مطرف وابن الماجشون: وكذلك لا تقبل فيما يتعلق بالزنى كاللعان والقذف والمنبوذ.

وَكَشَهَادَةِ مَنْ حُدَّ فِي مِثْلِ مَا حُدَّ فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: تُقْبَلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بَأَنَّ وَلَدَ الزِّنَى لا يَنْدَفِعُ عَارُهُ بِالتَّوْبَةِ

هذا مثال ثاني للتأسي.

وقيد بقوله: (فِيمَا حُدَّ فِيهِ) لأن شهادته تقبل إذا تاب فيما عداه، وإنما اختلف في شهادته فيما حد فيه كشهادة السارق بعد توبته وقطع يده في السرقة، وكذا القاذف والشارب فالمشهور عدم القبول، ومقابل المشهور لمالك من رواية ابن نافع، وبه قال ابن [671/ ب] كنانة وصرح صاحب الاستذكار بالمشهور كالمصنف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015