وَمَنِ امْتَنَعَتْ لَهُ امْتَنَعَتْ فِي تَزْكِيَةِ مَنْ شَهِدَ لَهُ وَتَجْرِيحِ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ، وَمَنِ امْتَنَعَتْ عَلَيْهِ امْتَنَعَتْ فِي الْعَكْسِ ..

هذا ضابط حسن مع اختصار اللفظ وفهم المعنى، فالأب يمتنع أن يشهد لولده، فكذلك يمتنع أن يشهد بتزكية من شهد لولده؛ إذ البينة لا تتم إلا بالتزكية، فكان كأنه شهد لولده، وكذلك يمتنع تجريحه لمن شهد على ابنه، وكذلك العدو تمتنع شهادته عليه، فتمتنع شهادة تزكية من شهد عليه أو تجريح من شهد له؛ لأنه يتوصل بذلك إلى ضرر عدوه.

الْخَامِسُ: الْحِرْصُ عَلَى إِزَالَةِ التَّعْبِيرِ بِإِظْهَارِ الْبَرَاءَةِ أَوْ بِالتَّأَسِّي كَشَهَادَتِهِ فِيمَا رُدَّ فِيهِ لِفِسْقٍ أَوْ صِباً أَوْ رِقٍّ أَوْ كُفْرٍ ..

المانع الخامس: أن يحرص الشاهد على دفع ما عير به، والتعيير بالعين المهملة مصدر عير تعييراً.

والباء في قوله: (بِإِظْهَارِ الْبَرَاءَةِ أَوْ بِالتَّأَسِّي) للسببية، ثم مثل للأول بـ (كَشَهَادَتِهِ فِيمَا رُدَّ فِيهِ .. إلخ) يعني: إذا شهد في حال فسقه أو صباه أو رقه أو كفره فحكم الحاكم بردها ثم زالت موانعم فأدوها فلا تقبل منهم؛ للتهمة بسبب ما جبلت عليه الطباع البشرية من الحرص على دفع المعرة بقبولها منهم بعد ردها.

وقوله: (فِيمَا رُدَّ) تحرز بذلك مما لو شهد بذلك ولم ترد حتى زال المانع- فإنها تقبل لكن بشرط إعادتها بعد زوال المانع. قاله غير واحد.

واستدل ابن يونس لذلك بما نقله سحنون عن بعض العلماء، وقال: هو قولي، وقياس قول مالك وأصحابه أن العبد والصبي والنصراني إذا أشهدوا عدولاً على شهادتهم ثم انتقلوا إلى الحال التي تجوز فيها شهادتهم قبل أن تنقل عنهم وغابوا أو ماتوا فشهدوا على شهادتهم- أن ذلك غير مقبول، بخلاف أن لو شهدوا في الحال الثانية بما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015