وقول مطرف ثالث، واختيار اللخمي راجع إلى المنع مطلقاً، ولم يحك المازري في اختلاف المجلس خلافاً في القبول لأنه قال: إن شهد رجلان لرجلين بدين لهما على زيد، ثم شهد المشهود لهما للشاهد الأولين بحق آخر على زيد بعينه فإنه إن كان ذلك في مجلسين متقاربين أو متباعدين جازت الشهادة، وإن كان ذلك في مجلس واحد فظاهر المذهب على قولين: المنصوص منهما لمطرف وابن الماجشون رد الشهادة، وظاهر كلام أصبغ إمضاؤها، ثم أشار إلى أنه ينبغي أن يلتفت في هذا إلى التبريز في العدالة وحقارة المشهود فيه، وأنه بحيث لا يتطرق فيه طلب المجازاة في شهادة بشهادة.
وَفِيهَا: تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَافِلَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ
هي في المدونة في كتاب المحاربين، وعلله فيها بأنه لا سبيل إلى غير ذلك، ونص فيها على القبول إذا كانوا عدولاً سواء شهدوا بقتل أو أخذ مال أو غيره، ولعل المصنف أتى بها استشهاداً للمشهور الذي قدمه، ولم يعتبر تعليله في المدونة بالضرورة، وما قدمه مطلق.
فإن قتل: القبول هنا مخالف لما قالوه في المجتلبين أنه لا تقبل شهادة بعضهم لبعض إلا أن يكون النفر الكثير عشرين فأكثر، وأباه سحنون في العشرين.
قيل: فرق بينهما ابن سهل بأن المجتلبين تذكرهم حمية البلد فلذلك رد شهادتهم.
وَأَمَّا الدَّفْعُ فَكَشَهَادَةِ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ الْقَتْلِ خَطَأً
لما ذكر أمثلة ما يجر به الشاهد لنفسه نفعاً شرع في تمثيل ما يدفع به عن نفسه ضرراً وذكر المثالين:
الأول: أن يشهد عدلان أن فلاناً قتل فلاناً خطأ فشهد عدول من العاقلة التي وجب عليها القيام بالدية بتجريح شاهدي القتل فلا تقبل؛ لأنها تدفع ما لزمها من الدية.