وقال بعض القرويين: يحتمل أن يريد: إن كان وحده جازت شهادته لغيره مع يمينه ولم يأخذ الشاهد شيئاً، وإن كان معه غيره أخذ الغير بغير يمين؛ لأنه اجتمع عليه شاهدان، وأخذ الشاهد بيمين؛ لأن شهادته لنفسه ساقطة.
وخصص صاحب المقدمات هذا الخلاف بما إذا كانت شهادة الشاهد في وصية مكتوبة، قال: وإن شهد على الوصية لفظاً بغير كتاب فإن شهد لنفسه بيسير فلا تجوز لنفسه باتفاق، وتجوز لغيره مع يمين الغير إن لم يكن إلا ذلك الشاهد، وإن شهد آخر كذلك أخذ غيرهما بغير يمين، وأخذ كل من الشاهدين بشهادة صاحبه بشرط أن يحلف، وقد يقال: لا تجوز له ولا لغيره على قول مطرف وابن الماجشون، ولا تجوز على ما في سماع أشهب من كتاب الشهادات.
وَأَمَّا شَهَادَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلآخَرِ فَجَائِزَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ
لما تكلم على من شهد لنفسه ولغيره شرع فيمن شهد لمن شهد له، وذكر أن المشهور جواز الشهادتين، وظاهره سواء كان المشهود عليه بالحق واحداً أو لا، في مجلس واحد أو مجلسين متقاربين أو متباعدين، وهو قول ابن القاسم في العتبية فيمن شهد لرجل بعشرة دنانير وشهد المشهود له للذي شهد له على آخر- أن ذلك جائز، وقاله سحنون، والشاذ منعها، وإليه رجع سحنون.
اللخمي: وقال مطرف وابن الماجشون: إن شهد بعضهم لبعض على رجل واحد في مجلس واحد لم يجز، وإن كان شيئاً بعد شيء جاز جميعها وإن تقارب ما بين الشهادتين، وإن كان على رجلين مفترقين جاز ذلك في مجلس أو مجلسين، وأرى أن ترد جميعاً، وسواء كانت على رجل أو رجلين في مجلسين أو مجلس بلفظ أو كتاب؛ لأنهما يتهمان على: "اشهد لي وأشهد لك" إلا أن يطول ما بينهما. انتهى.