وقوله: (مَوْرُوثِهِ) أعم من أن يكون أباً أو غيره. وقيد الموروث بالإحصان وبأن لا يكون فقيراً احترازاً من البكر [668/ أ] ومن الفقير؛ لعدم التهمة فيهما.

وهكذا قال أشهب في أربعة أولاد عدول شهدوا على أبيهم بالزنى وهو فقير: أنه يرجم، وحمله ابن رشد على أنهم ممن يعذر بجهل في شهادتهم بالزنى على أبيهم، أو أنهم دعوا إلى شهادة عليه كأن يقذفه رجل بالزنى فيسأل شهادتهم ليسقط عنه حد القذف، وأما إن جهلوا ولم يدعوا فذلك عقوق منهم؛ لأنهم مأمورون بالستر فلا تجوز شهادتهم، ونقل أبو محمد عن ابن اللباد قولاً آخر أنها لا تجوز وإن كان الأب فقيراً؛ لأنهم يتهمون بإسقاط نفقته اللازمة لهم، وهذا لا يكون إلا في الأب وإنما يتم إذا كان الأب عاجزاً عن التكسب، وأما إن كان قادراً عليه ويتكسب فلا، وقال ابن لبابة: شهادتهم عليه بما يوجب قتله جائزة ملياً كان أو معدماً، قال: ولا يتهم العدول بالميراث ولا بطرح النفقة.

ابن رشد: وله وجه في المبرز.

المثال الثاني: أن يشهد أن موروثه أعتق عبداً فلا تجوز شهادته؛ لأنه يتهم في قصد ولايته وشرط في المدونة أن يكون هذا ممن يرغب في ولائه، وأن يكون في الورثة من لا حق له في الولاء كالبنات والزوجات، وأن تكون التهمة حاصلة الآن بأن يكون لو مات حينئذ ورثه، وأما إن كان الولاء قد يرجع إليهما يوماً ما فتجوز، ولو لم يتهم الولدان في ولائه لدناءتهم جازت شهادتهما، والتهمة في هذه المسألة ضعيفة؛ لأن هذه الشهادة إنما يجوز الابنان بها المنفعة بتقدير أن يموت العبد قبلهما، وقد يموت عن غير بال.

المثال الثالث: أن يشهد رجل أن رجلاً جرح ابن عم الشاهد أو غيره ممن يرثه الشاهد لو مات؛ لأنه إذا مات يقسم هذا الشاهد ويستحق الدية، أما لو شهد له بجرح خطأ وقد برأ الجرح، فيعود إلى الشهادة بالمال وهي جائزة ما لم تقرب القرابة بينهما كما سيأتي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015