ابن عبد السلام: والمسألة عامة فيما إذا تساوى عدد المعدلين والمجرحين أو اختلفا، وإن كان القاضي الباقلاني حكى الإجماع إذا تساوى عدد المعدلين والمجرحين، أو كان عدد المجرحين أكثر على تقديم شهادة المجرحين، وقصر الخلاف على ما إذا كان المعدلون أكثر، وأنكر هذا غيره، والصحيح في النقل ما قدمناه انتهى.
فرع:
إذا اتفق شاهدان على تجريح شاهد، لكن اختلفا في سببه كما لو شهد أحدهما بخيانته وآخر بزناه، فاختلف قول سحنون في تلفيقها، وبالتلفيق قال ابن عبد الحكم.
الْمَوَانِعُ: الأَوَّلُ: التَّغَفُّلُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: قَدْ يَكُونُ الْخَيِّرُ الْفَاضِلُ ضَعِيفاً عَقْلُهُ لِغَفْلَتِهِ فَلا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَقِيلَ: إِلا فِيمَا لا يَكَادُ يُلَبَّسُ فِيهِ ..
قول ابن عبد الحكم ظاهر، ومثال ما لا يلبس فيه أن يقول: "رأيت هذا قبل هذا، أو سمعت هذا قال لزوجته: أنت طالق" بخلاف ما كثر من الكلام وأبطل بعضه ببعض، ولهذا يعتمد أكثر أهل الزمان في تزكيتهم الشاهد في قضية ثم لا يزكونه في أخرى، ولم يذكر المازري وابن شاس هذا على أنه خلاف بل ساقاه على أنه تقييد، وهو كذلك إن شاء الله تعالى خلاف ما قاله المصنف.
الثَّانِي: أَنْ يَجُرَّ بِهَا أَوْ يَدْفَعَ كَمَنْ شَهِدَ عَلَى مَوْرُوثِهِ الْمُحْصِنِ بِالزِّنَى أَوْ قَتْلِ الْعَمْدِ مَا لَمْ يَكُنْ فَقِيراً، أَوَ كَمَنْ شَهِدَ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ عَبْداً يُتَّهَمُ فِي وَلائِهِ، وَكَمَنْ شَهِدَ أَنَّهُ جَرَحَ مَوْرُوثَهُ، وَكَوَصِيَّ شَهِدَ بِدَيْنِ لِلْمَيِّتِ، وَكَمُنْفَقٍ عَلَيْهِ شَهِدَ لِمُنْفِقٍ، وَفِي عَكْسِهِ قَوْلانِ ..
المانع الثاني: أن يجر بشهادته نفعاً لنفسه أو يدفع عنها ضرراً، وذكر للجر أمثلة.
أولها: أن يشهد على موروثه المحصن بالزنى أو بقتل العمد؛ لأنه يتهم أن يكون قصد قتله ليرثه.