المثال الرابع: إذا شهد الوصي بدين للميت لم تجز شهادته؛ لأنه يجر بذلك النظر في المال، وهذا بشرط أن يكونوا صغاراً. قال في المدونة: وإن كانوا كباراً يلون أنفسهم فتجوز شهادته؛ لأنهم يقبضون لأنفسهم.

المثال الخامس: أن يشهد المنفق عليه للمنفق، وهذا المثال هو أول مسألة من شهادات المدونة، والتهمة فيها للشاهد قوية؛ لأنه يخشى من تركه الشهادة أن يقطع عنه النفقة.

قوله: (وَفِي عَكْسِهِ قَوْلانِ) أي: عكس الخامس، وهي شهادة الشاهد لمن في نفقته؛ أجازها ابن حبيب، ومنعها بعض القرويين إذا كان من قرابة الشاهد كالأخ ونحوه؛ لأن تركه للنفقة عليه إذا كان فقيراً معرة، فيتهم أن يشهد له ليقطع عنه النفقة.

ابن يونس: وهو استحسان. وعلى هذا فالخلاف مخصوص بالقريب، ولا يعم الأجنبي، وكلام المصنف لا يؤخذ منه هذا، وكذلك اختلف في شهادة الوصي على الطفل الذي في ولايته، فالمشهور جوازها، وفي الجلاب قولاً آخر بعدم الجواز؛ لأنه يتهم أن يكون كارهاً في النظر لمحجوره فيضيع ماله.

فَلَوْ شَهِدَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فِي وَصِيَّةِ فَإِنْ كَانَ مَا لَهُ كَثِيراً لَمْ يُقْبَلْ فِيهِمَا، وَإِنْ كَانَ يَسِيراً فَثَالِثُهَا: يُقْبَلُ لِغَيْرِهِ دُونَهُ ..

احترز بالوصية من أن يشهد لنفسه ولغيره في غير وصية فلا تصح له ولا لغيره على المشهور؛ لأن الشهادة إذا بطل بعضها للتهمة بطل جميعها، وأجازها في الموازية في غير الوصية أيضاً إذا كان ما شهد به له يسيراً جداً، والفرق بينهما على المشهور أن الموصي قد يخشى معالجة الموت ولا يحضره إلا الموصى له فيضطر إلى إشهاده بخلاف غيرها، والمشهور مقيد بما إذا كان الجميع في ذكر حق على ما قاله الشيوخ، ولو كانت في حقين لجازت للأجنبي، وكذلك لو أدى الشهادة لفظاً؛ إذ لا يقدح ذكر ما له عليه وإدخاله ذلك في شهادته بما شهد به لغيره إذا لم يكن حقاً واحداً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015