وَفِي الْعَقَارِ ثَالِثُهَا: فِي الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ كَمَا تَقَدَّمَ

هذا الكلام يوهم أنه فرع من المسألة التي قبله، وليس كذلك؛ لأن السابق هل يشترط حضور المحكوم به لتشهد البينة على عينه أو لا؟ وهذه المسألة إنما المراد بها هل يشترط حضور المحكوم عليه ليستوفي حجته أم لا؟

ابن عبد السلام: والقول بأنه يحكم عليه لعبد الملك، والقولان الباقيان في المدونة ما لم تبعد الغيبة جداً مثل الأندلس وطنجة من المدينة فإنه يحكم عليه، وهذا الخلاف إنما هو في الاستحقاق وحده، وأما بيع الربع في الدين على الغائب وشبه ذلك من الحقوق فلا خلاف في المذهب أنه يباع عليه بينة، هكذا قال بعضهم، ووقع في العتبية خلاف في بيع الرباع في الدين. انتهى.

وعلى هذا ففي حكاية المصنف الأقوال الثلاثة نظر؛ لأن البعيد جداً يحكم عليه، قال بعضهم: بلا خلاف، والقريب الغيبة كالحاضر، ولم أر جميع الأقوال، وسأذكر لك ما وقفت عليه. وقد قسم ابن رشد الغيبة إلى ثلاثة أقسام: قريبة ومتوسطة وبعيدة جداً أو غيبة انقطاع.

أما القريبة كاليومين والثلاثة والطريق مأمونة فالوجه أن القاضي إذا ثبت عنده قرب غيبته مع الأمن وهو من أهل علمه، فإنه يكتب إلى قاضي البلد الذي هو فيه أو إلى عدلين من عدول ذلك الموضع، ويعلمه بمن قام عليه وبما ادعاه وبما ثبت عنده وبتسمية الشهود الذين قبلهم وبتسمية المعدلين لهم، فإذا ثبت عنده إقراره بألا مدفع له، أو ادعى مدفعاً وعجز عنه سجل عليه وقضى عليه في الربع وغيره، ولا يختلف في ذلك، ولا حجة له بعد ذلك، ولا يحكم عليه بشيء قبل الإعذار إليه.

والمتوسطة كعشرة أيام ونحوها أو على مسيرة يومين أو ثلاثة والطريق مخوفة فيحكم عليه فيما عدا الأصول، وفيها قولان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015