ابن رشد: ولابد من تسمية الشهود في الحكم على الغائب على القول بأن الحجة ترجى له؛ ليجد سبيلاً إلى رد القضية بتجريح الشهود، هذا هو المشهور في المذهب المعلوم من قول ابن القاسم وروايته عن مالك، وإن لم يسم البينة فالقضية مردودة؛ تفسخ ويستأنف الحكم فيها، وقاله أصبغ في الواضحة وغيرها، وهو الصحيح على القول بأن الحجة ترجى له، وأما الحكم على الحاضر فلا يحتاج إلى تسمية الشهود؛ إذ قد أعذر فيهم إلى المحكوم عليه، إلا أن تسميتهم أحسن.

أصبغ: وبذلك مضى العمل.

ابن أبي زمنين: وهو الذي عليه الحكام، وأما الغائب والصغير فلابد من تسميتهم، وقد روى سحنون أيضاً أنه لا يلزم ذلك في الغائب وأن ذلك أحسن، وهو إنما يأتي على قول ابن الماجشون أن الغائب إذا حكم عليه لا ترجى له الحجة. انتهى.

وَيَحْكُمُ بِالدَّيْنِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَتَمَيَّزُ غَالِباً بِالصِّفَةِ كَالْعَبْدِ وَالْفَرَسِ، وَقِيلَ: مَا لَمْ يَدَّعِ الْحُرِّيَّةَ أَوْ يَدَّعِيهِ ذُو يَدٍ ..

يعني: أن ما يحكم به إما أن لا يقبل التمييز قبل الحكم، أو يقبله؛ فالأول: لا يطلب؛ إذ لا معنى لطلب ما يتعذر حصوله، فتقول البينة مثلاً: "غصب له حديداً قيمته كذا".

والثاني: وهو ما يقبل التمييز لا يخلو إما أن يكون تحت يد منازع فيه وشبهه كدعوى العبد الحرية، أو لا يكون كذلك، والثاني لا يطلب حضوره؛ لأن الأصل ألا يكلف مدعيه بينة، بل يأخذه بالصفة والأمارة وما في معناهما. والأول المشهور فيه الاكتفاء بالصفة، والشاذ لابن كنانة.

قال في المجموعة وكتاب ابن سحنون: فأما من يدعي الحرية أو عبداً أو قربة بيد رجل فلا يدرك ذلك بصفته في كتاب قاض حتى تراه البنية فيثبتونه، ولم أسمع من قضى بذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015