قال في المدونة في القسم: سمعت من يذكر عن مالك أنه لا يقضي على الغائب في الدور، وهو رأيي، إلا في الغيبة البعيدة مثل الأندلس وطنجة من المدينة، وما بعد فليقض عليه، وما علمت في هذا خلافاً. وكذلك قال مالك في الواضحة وأنكر ذلك ابن الماجشون وقال: إنما يقول ذلك أهل العراق، وعلماء المدينة وحكامها على خلافه، وبه قال سحنون. وحيث قضى عليه فإنه لا يعذر إليه، وترجى له الحجة، واختلف النقل عن سحنون هل ترجى له الحجة أم لا؟ فذكر ابن رشد عنه أنه لا ترجى له، وكذلك ذكر ابن الهندي. والذي ذكره عنه في الجواهر أنه ترجى له.

وأما البعيدة كمكة من إفريقية والأندلس من خراسان فهذا يحكم عليه في كل شيء من الديون والحيوان والعروض والرباع والأصول، وترجى له الحجة في ذلك.

ابن القاسم في كتاب القسم: ولايقيم القاضي لغائب أو لطفل وكيلاً يقوم بحجته.

أبو عمران: لأن الموكل تنقطع حجته بانقطاع حجة وكيله، فلو وكل القاضي لهما لانقطعت حجتهما بانقطاع حجة الوكيل؛ فكان تركهما على حجتهما أنفع لهما. [662/ ب].

ابن عبد السلام: وظاهر ما ذكره ابن القاسم أنه سمعه عن مالك عدم القضاء على الغائب ولو بعدت غيبته، وعلى هذا حمله بعضهم.

وَيَنْفُذُ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ بِالْبَيِّنَةِ وَالْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الإِبْرَاءِ وَالاسْتِيفَاءِ وَالاعْتِيَاضَ وَالإِحَالَةِ وَالاحْتِيَالِ وَالتَّوْكِيلِ عَلَى الاقْتِضَاءِ فِيهِ وَفِي بَعْضِهِ، وَقِيلَ: وَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَيْهِ إِلَى الآنَ ..

أي: يحكم على الغائب بالدين إذا قامت للطالب بينة أو حلف، والقول الثاني من كلام المصنف يستلزم التكرار؛ لأن قوله: (وَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَيْهِ إِلَى الآنَ) يستلزم نفي الاحتيال والإبراء وغير ذلك، وربما زاد الموثقون وغيرهم في فصول هذه المسألة: لم يسقط عليه من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015