ابن عبد السلام: وظاهر كلامه التسوية في وجوب النقض بين جميع صور هذه المسألة، والذي قاله سحنون فيما له فيه رأي فحكم بغيره سهواً: أن له نقضه، ولم يقل: يجب عليه نقضه، ورد بأن نص قول سحنون في النواد: إذا نسي ثم تذكره أنه يرجع فيه، وكذلك ذكره فضل في مختصره، وظاهر وجوب النقض لقوله: وهذا يرجع فيه.

فَلَوْ حَكَمَ قَصْداً فَظَهَرَ أَنَّ غَيْرَهُ أَصْوَبُ فَقَالَ ابن القاسم: يُفْسَخُ الأَوَّلُ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسحنون: لا يَجُوزُ فَسْخُهُ، وَصَوَّبَهُ الأَئِمَّةُ ..

لما ذكر ما ينقض فيه القاضي حكم نفسه باتفاق تكلم على المختلف فيه.

وقوله: (فَظَهَرَ أَنَّ غَيْرَهُ أَصْوَبُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) هو ظاهر التصور، وهكذا نسبه ابن محرز وغيره لابن القاسم.

ابن راشد: وهو المشهور، وظاهر ما روي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "ما فت الطينة عندي أهون من نقض قضاء قضيت به ثم رأيت الحق في خلافه".

وقال ابن الماجشون وسحنون: لا يجوز فسخه، وصوبه الأئمة كابن محرز وعياض وغيرهما من المتأخرين بوجهين: بالقياس على حكم غيره، ولأنه لو نقض حكم نفسه في هذا لما كان لأحد وثوق بحكم؛ لاحتمال نقضه، وتبع في نسبة عدم النقض لابن الماجشون وسحنون ابن عبد الحكم، لكن كلام سحنون وقع مطلقاً من غير تقييد، وقال مطرف وابن الماجشون: إنما ينقض حكم نفسه في هذه المسألة ما دام والياً، أما إن عزل ثم ولي مرة أخرى فظهر له الصواب في غير ما كان قضى به فلا ينقضه، وتكون ولايته الثانية كولاية غيره، وتأول على المدونة القولين اللذين ذكرهما المصنف، وليس ما نسبه المصنف لابن القاسم بصريح في أصل المدونة، وإن كان المصنف لم ينسبه إليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015