على خلاف رأي [657/ب] المدينة. قال: وهذا في كل ما يأخذه الحاكم ويعطيه، فأما ما هو ترك لما فعل الفاعل مثل الذي يخير امرأته فتختار نفسها- فقد قال بعض الناس: إنها واحدة بائنة- فإن تزوجها قبل زوج فرفع إلى حاكم يرى ذلك فأقره ولم يفرق بينهمأ، ثم رفع إلى من ولي بعده فهذا يفسخ نكاحها ويجعله البتة، وليس إقرار الأول حكماً منه وإن أشهد على ذلك وكتب، ومثله من حلف بطلاق امرأة إن تزوجها، ثم نكحها، أو بعتق عبد إن ملكه ثم رفع إلى الحاكم فأقر الملك والنكاح، أو أقام شاهداً على قتل رجل فرفع إلى من لا يرى القاسمة فلم يحكم بها، ثم رفع ذلك كله إلى من يرى الحكم فليحكم ولا يضره ترك الأول لذلك؛ لأن تركه ليس بحكم.

قال: وكذلك إن أقام شاهداً عند من لا يرى الشاهد واليمين فلم يحكم به، ثم رفع إلى من يراه فليحكم وإن كان فيه سنة قائمة؛ لأن الأول إنما ترك النظر فيه، وقاله مطرف، وروى أكثره عن مالك، وقاله أصبغ.

ونقل ابن عبد الحكم عن مالك فيمن طلق البتة فرفع إلى من يراها واحدة فجعلها واحدة ولم يمنعه من نكاحها، فنكحها الذي أبتها قبل زوج أنه يفرق بينهما، وليس هذا من الاختلاف الذي يقر إذا حكم به.

قال ابن عبد الحكم: لا ينقض ذلك كائناً ما كان، ما لم يكن خطأ بينا.

فضل: والذي حكاه سحنون عن ابن القاسم ملائم لقول ابن عبد الحكم أنه لا ينقض ما اختلف فيه، وما كان من جور وخطأ بين لم يختلف الناس في خطأه ورده، فإن قلت: فهل يأتي كلام المصنف على هذا؟ قيل: لا؛ لاحتمال أن يتفقوا على ظن جلي.

والظاهر أن ما ذكره ابن حبيب من الفرق بين أن يعمل أو يترك لا يأتي على مذهب ابن القاسم، ألا ترى قول المصنف: (وَفِي مِثْلِ تَقْرِيرِ نِكَاحٍ بِلا وَلِيِّ ... إلخ) فاعلمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015