وَلا يَتَعَقَّبُ أَحْكَامَ الْعَدْلِ الْعَالِمِ وَلا يَنْقُضُ مِنْهَا إِلا مَا خَالَفَ الْقَطْعَ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةُ عَلَى أَنَّ لَهُ فِيهِ رَاياً فَحَكَمَ بِغَيْرِهِ سَهْواً ..

تعقب الأحكام هو اختيارها لينظر ما وافق الحق وما خالفه، وعلى هذا فالتعقب سابق للنقض وأعم منه، وقد نفى الأعم فينتفي الأخص بانتفائه.

وقوله: (الْعَدْلِ الْعَالِمِ) تقسيم منه للقاضي، وحاصل ما ذكره هو وغيره ثلاثة أقسام: الأول: أن يكون المعلوم من حال القاضي العدالة والعلم فلا يتعقب القاضي الذي يليه أحكامه؛ لئلا يكثر الهرج والخصام، إلا أن يخالف في حكمه القطع فينتقض حينئذ.

فإن قلت: لا يعلم ما خالف القطع إلا بعد التعقب، قيل: يجوز أن يرفع إليه فيظهر خطأه من غير تأمل.

وقوله: (إِلا مَا خَالَفَ الْقَطْعَ) نحوه في الجواهر وهو يقتضي أنه لا ينقض ما خالف الظن الجلي.

وليس بظاهر، بل قالوا: إذا خالف نص السنة غير المتواترة أنه ينقض، ولا يفيد القطع. نقله ابن عبد السلام عن بعضهم.

وينقض إذا خالف القياس الجلي، ولهذا قال القرافي: ينقض حكم الحاكم إذا خالف نص كتاب أو سنة أو إجماعاً أو قياساً جلياً.

ابن حبيب عن ابن الماجشون: ويرد ما اختلف فيه الناس مما في كتاب الله، أو في سنة قائمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كاستسعاء العبد المعتق بعضه، وشفعة الجار، أو بعد القمسة والحكم بشهادة النصراني أو اليهودي لمثله؛ لأنه على خلاف قوله تعالى: (وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ) [الطلاق: 2] وقوله: (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ) [البقرة: 282] أو ميراث العمة والخالة والمولى الأسفل، وكذا ما تواطأ عليه أهل المدينة، أو شاع العمل به عن الصحابة والتابعين. وأما ما كان من رأي العلماء أو استحساناً فلا ينقضه وإن كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015