الشبهة الحادية عشرة) أن الصحابة كانوا يستغيثون بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته

- الشُّبُهْةُ الحَادِيَةَ عَشَرَةَ) إِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَسْتَغِيْثُوْنَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَابْنُ عُمَرَ كَانَ يَسْتَغِيْثُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَلَمَّ بِهِ مَكْرُوْهٌ، بَلْ حَتَّى إِذَا خَدِرَتْ رِجْلُهُ فَقَط!

فَفِي الحَدِيْثِ عَنِ الهَيْثَمِ بْنِ حَنَشٍ قَالَ: (كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فَخَدِرَتْ رِجْلُهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أُذْكُرْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيْكَ فَذَكَرَ مُحَمَّدًا، فَكَأَنَّما نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ) (?)!

وَأَيْضًا مَا جَاءَ فِي الأَحَادِيْثِ مِنْ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانَ شِعَارُهُم فِي الحَرْبِ (يَا مُحَمَّدُ)!

وَالجَوَابُ هُوَ مِنْ أَوْجُهٍ:

1) أَنَّ حَدِيْثَ الخَدَرِ ضَعِيْفٌ.

2) أَنَّ الحَدِيْثَ مَعَ ذَلِكَ لَيْسَ فِيْهِ مُتَمَسَّكٌ لِلاسْتِغَاثَةِ بِغَيْرِ اللهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيْهِ اسْتِغَاثَةٌ أَصْلًا، بَلْ هُوَ عِلَاجٌ قَدِيْمٌ مَعْرُوْفٌ لِلخَدَرِ؛ حَيْثُ يَذْكُرُ صَاحِبُهُ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيْهِ فَيَزُوْلُ الخَدَرُ. (?)

وَهَذَا الدَّوَاءُ التَّجْرِيْبِيُّ لِلخَدَرِ كَانَ مَعْرُوْفًا عِنْدَ الجَاهِلِيِّيْنَ قَبْلَ الإِسْلَامِ وَجُرَّبَ فَنَفَعَ بِإِذْنِ اللهِ، وَلَيْسَ فِيْهِ إِلَّا ذِكْرُ المَحْبُوْبِ، وَقِيْلَ فِي تَفْسِيْرِ ذَلِكَ: إِنَّ ذِكْرَهُ لِمَحْبُوْبِهِ يَجْعَلُ الحَرَارَةَ الغَرِيْزِيَّةَ تَتَحَرَّكُ فِي بَدَنِهِ، فَيَجْرِي الدَّمُ فِي عُرُوْقِهِ، فَتَتَحَرَّكُ أَعْصَابُ الرِّجْلِ؛ فَيَذْهَبُ الخَدَرُ، وَجَاءَتِ الأَشْعَارُ بِهَذَا كَثِيْرَةً فِي الجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلَامِ، فَمِنْهَا مَا فِي:

دِيْوَانِ عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيْعَةَ: (إِذَا خَدِرَتْ رِجْلِي أَبُوْحُ بِذِكْرِهَا ... لِيَذْهَبَ عَنْ رِجْليَ الخُدُوْرُ؛ فَيَذهَبُ)

وَفِي دِيْوَانِ جَمِيْلِ بُثَيْنَةَ: (وَأَنْتِ لِعَيْنِي قُرَّةٌ حِيْنَ نَلْتَقِي ... وَذِكْرُكِ يَشْفِيْنِي إِذَا خَدِرَتْ رِجْلِي)

3) أَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِ (يَا مُحَمَّد) شِعَارُهُم فِي الحَرْبِ؛ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الاسْتِغَاثَةِ بِهِ! فَحَمْلُهُ عَلَى هَذَا الوَجْهِ مَرْدُوْدٌ، لِأَنَّ الشِّعَارَ فِي الحَرْبِ هُوَ مَا يُمَيِّزُ بِهِ المُحَارِبُوْنَ أَنْفُسَهُم عَنْ عَدُوِّهِم عِنْدَ الاخْتِلَاطِ، وَهُوَ يُشْبِهُ مَا يُعْرَفُ اليَوْمَ بِـ (كَلِمَةِ السِّرِّ).

قَالَ الرَّازِي فِي كِتَابِهِ (مُخْتَارُ الصِّحَاحِ): (شِعَارُ القَوْمِ فِي الحَرْبِ: عَلَامَتُهُم؛ لِيَعْرِفَ بَعْضُهُم بَعْضًا). (?)

وَفِي الحَدِيْثِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ؛ قَالَ: (غَزَوْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ شِعَارُنَا: أَمِتْ؛ أَمِتْ). (?) (?)

وَمِثْلُهُ عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ مَرْفُوْعًا (إنْ بُيِّتُّمْ فَلْيَكُنْ شِعارُكُم: (حَم، لَا يُنْصَرُوْنَ)). (?)

4) أَنَّ حَمْلَ الأَثَرَيْنِ عَلَى الاسْتِغَاثَةِ بِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِيَزُوْلَ الضُّرُّ بِذِكْرِهِ غَيْرُ مَشْرُوْعٍ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرَهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى - لَا يَمْلِكُ كَشْفَ الضُّرِّ أَصْلًا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} (الجِنّ:21).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015