7) وَأَمَّا حَدِيْثُ (إِذَا انْفَلَتَتْ دَابَّةُ أَحَدِكُم بِأَرْضٍ فَلَاةٍ فَلْيُنَادِ: يَا عِبَادَ اللهِ احْبِسُوا؛ يَا عِبَادَ اللهِ احْبِسُوا. فَإِنَّ للهِ حَاضِرًا فِي الأَرْضِ سَيَحْبِسُهُ) فَهُوَ ضَعِيْفٌ.

قَالَ الحَافِظُ الهَيْثَمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (مَجْمَعُ الزَّوَائِدِ) (?): (رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ وَزَادَ (سَيَحْبِسُهُ عَلَيْكُم). وَفِيْهِ مَعْرُوْفُ بْنُ حَسَّان؛ وَهُوَ ضَعِيْفٌ). (?)

وَأَيْضًا فَإِنَّ الحَدِيْثَ الآخَرَ - حَدِيْثَ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَان - هُوَ ضَعِيْفٌ جِدًّا، وَمِنْ أَوْجُهِ ضَعْفِهِ أَنَّ فِيْهِ (عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شَرِيْكٍ - وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ القَاضِي - وَأَبَاهُ، كِلَاهُمَا ضَعِيْفَانِ، قَالَ الحَافِظُ فِي الأَوَّلِ مِنْهُمَا: (صَدُوْقٌ يُخْطِئُ))، وَقَالَ فِي أَبِيْهِ: (صَدُوْقٌ يُخْطِئُ كَثِيْرًا))، وَذَكَرَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ العِلَلِ أَيْضًا. (?)

وَأَجْوَدُ مَا يُمْكِنُ إِيْرَادُهُ (?) فِي هَذَا المَقَامِ - مِنْ جِهَةِ الإِسْنَادِ - الحَدِيْثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (مَرْفُوْعًا وَمَوْقُوْفًا) (إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً فَضْلًا - سِوَى الحَفَظَةِ - يَكْتُبُوْنَ مَا سَقَطَ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ، فَإِذَا أَصَابَتْ أَحَدَكُمْ عَرْجَةٌ فِي سَفَرٍ فَلِيُنَادِ: أَعِيْنُوا عِبَادَ اللهِ؛ رَحِمَكُمُ اللهُ). (?)

وَلَنَا فِيْهِ - بِتَوْفِيْقِ اللهِ - كَلِمَاتٌ:

أَوَّلًا) أَنَّ الصَّوَابَ وَقْفُهُ وَلَيْسَ رَفْعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ الحَدِيْثَ جَاءَ مَرْفُوْعًا عِنْدَ البَزَّارِ، وَمَوْقُوْفًا عِنْدَ البَيْهَقِيِّ فِي الشُّعَبِ، وَالرُّوَاةُ فِيْهِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ (?) مُخْتَلِفُوْنَ فِي الوَقْفِ وَالرَّفْعِ، وَلَكِنَّ جَعْفَرَ بْنَ عَوْنٍ (الرَّاوِي لِرِوَايَةِ الوَقْفِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فِي الشُّعَبِ) أَوْثَقُ مِنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ (وَهُوَ الرَّاوِي لِرِوَايَةِ الرَّفْعِ عَنْ أُسَامَةَ عِنْدَ البَزَّارِ). (?)

ثَانِيًا) أَنَّ كَوْنَهُ مَوْقُوْفٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا لَا يَعْنِي كَوْنَهُ حُجَّةً فِي هَذَا البَابِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُوْنَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَلَقَّاهُ مِنْ مُسْلِمَةِ أَهْلِ الكِتَابِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.

ثَالِثًا) أَنَّهُ إِنْ قِيْلَ بِحُجِّيَّتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيْدِهِ بِأُمُوْرٍ أَهَمُّهَا:

أ) تَقْيِيْدُهُ بِكَوْنِ المُسْتَغَاثِ بِهِ هُمُ المَلَائِكَةُ.

وَهَذَا لَهُ مَخْرَجٌ صَحِيْحٌ مِنْ جِهَةِ أُصُوْلِ عِلْمِ التَّوْحِيْدِ، وَذَلِكَ لِكَوْنِ المُسْتَغَاثِ بِهِ حَيًّا؛ وَحَاضِرًا - كَمَا بَيَّنَهُ نَفْسُ الحَدِيْثِ بِقَوْلِهِ (حَاضِرًا) -، وَقَادِرًا - كَمَا بَيَّنَهُ نَفْسُ الحَدِيْثِ بِكَوْنِ اللهِ تَعَالَى جَعَلَهُم لِهَذِهِ المُهِمَّةِ -. (?)

وَهَذَا يُبْطِلُ اسْتِدْلَالَهُم بِالحَدِيْثِ عَلَى الأَمْوَاتِ وَالأَوْلِيَاءِ وَالغَائِبِيْنَ، وَالحَمْدُ للهِ.

ب) تَقْيِيْدُهُ بِمَنْ أَصَابَتْهُ عَرْجَةٌ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ؛ فَيُدَلُّ إِلَى الطَّرِيْقِ، كَمَا جَاءَ فِي نَفْسِ الحَدِيْثِ، وَلَيْسَ عُمُوْمُ النَّصْرِ وَالإِغَاثَةِ وَالرِّزْقِ وَالشَّفَاعَةِ. (?)

8) أَمَّا حَدِيْثُ الرَّجُلِ الَّذِيْ أَتَى قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْتَسْقِي لَهُ ثُمَّ أَتَى عُمَرَ ... ، فَهُوَ ضَعِيْفٌ، وَلَا يُفِيْدُ تَصْحِيْحُ الحَافِظِ لِإِسْنَادِهِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا صَحَّحَهُ إِلَى مَالِكِ الدَّارِ فَقَط، وَمَالِكُ هَذَا مَجْهُوْلُ الحَالِ (العَدَالَةِ وَالضَّبْطِ) وَلَيْسَ لَهُ تَوْثِيْقٌ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الرِّجَالِ (?)، عَدَا عَنْ مُخَالَفَةِ هَذِهِ الطَّرِيْقَةِ لِمَا سَنَّهُ النَّبِيُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ مِنْ دُعَاءِ وَصَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015