التَّعْلِيْقُ: فِي هَذَا البَيْتِ غُلُوٌّ فِيْهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَأَيْضًا تَنَقُّصٌ لِرُبُوْبِيَّةِ اللهِ تَعَالَى، وَالرَّدُّ عَلَيْهِ هُوَ مِنْ جَوَانِبَ عِدَّةٍ:
أ) أَنَّ اللهُ تَعَالَى قَالَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} فَبَطَلَ بِذَلِكَ التَّعَلُّقُ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَلْبِ النَّفْعِ وَدَفْعِ الضُّرِّ، وَهُوَ أَيْضًا مِصْدَاقُ قَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوْءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيْرٌ وَبَشِيْرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُوْنَ} (الأَعْرَاف:188).
وَأَيْضًا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنَتِهِ فَاطْمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا (سَلِيْنِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي؛ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا) (?) بَيَانُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ النَّفْعَ لِغَيْرِهِ - وَهِيَ رَضِيَ اللهُ عَنْها مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَيْهِ - فكَيْفَ بِغَيْرِهَا؟
ب) أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ يَوْمَ القِيَامَةِ لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ لِأَحَدٍ شَيْئًا، قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} (الانْفِطَار:19)، وَتَأَمَّلْ كَوْنَ النَّفْسِ فِي الآيَةِ نَكِرَةً فِي المَوْضِعِيْنِ؛ الأَمْرُ الَّذِيْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَيًّا كَانَ الشَّافِعُ؛ وَأَيًّا كَانَ المَشْفُوْعُ؛ فَلَا يَمْلِكُ لَهُ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى.
جـ) زَعْمُ النَّاظِمِ أَنَّ جَاهَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْفَعُ (إِذَا الكَرِيْمُ تَحلَّى بِاسمِ مُنتَقِمِ) مَرْدُوْدٌ، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا تَحَلَّى - كَمَا زَعَمَ النَّاظِمُ - بِاسْمِ مُنْتَقِمٍ؛ فَإِنَّهُ تَعَالَى لَا يَقُوْمُ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ؛ إِلَّا مَا أَذِنَ بِهِ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ مَقْبُوْلٍ (?)؛ أَوْ شَفَاعَةٍ مَقْبُوْلَةٍ مَأْذُوْنٍ فِيْهَا (?)، وَأَمَّا عَلَى سَبِيْلِ هَذَا الإِطْلَاقِ وَبِمَعْنَى المُقَابَلَةِ؛ فَلَيْسَ بِصَحِيْحٍ، قَالَ تَعَالَى: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} (الزُّمَر:19).