- قَوْلُهُ (حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبُهُ بِالسَّيْفِ): صَحِيْحٌ مَوْقُوْفٌ، وَالرَّاوِي هُوَ جُنْدُبُ (الخَيْرِ) بْنُ كَعْبٍ الأزْدِيُّ؛ المُلَقَّبُ بِقَاتِلِ السَّاحِرِ (?)، وَلَيْسَ جُنْدُبَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ.
وَلُقِّبَ بِقَاتِلِ السَّاحِرِ لِمَا جَاءَ مِنْ (أَنَّ أَمِيْرًا مِنْ أُمَرَاءِ الكُوْفَةِ (الوَلِيْدَ بْنَ عُقْبَةَ) دَعَا سَاحِرًا يَلْعَبُ بَيْنَ يَدِي النَّاسِ (فَكَانَ يَأْخُذُ سَيْفَهُ فَيَذْبَحُ نَفْسَهُ؛ وَلَا يَضُرُّهُ! وَكَانَ يَضْرِبُ رَأْسَ الرَّجُلِ ثُمَّ يَصِيْحُ بهِ فَيَقُوْمُ خَارِجًا فَيَرْتَدُّ إِلَيْهِ رَأْسُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللهِ، يُحْيي المَوْتَى! فَبَلَغَ جُنْدَبَ، فَأَقْبَلَ بِسَيْفِهِ - وَاشْتَمَلَ عَلَيْهِ - فَلَمَّا رَآهُ ضَرَبَهُ بِسَيْفِهِ؛ فَقَالَ: إنْ كَانَ صَادِقًا فَلْيُحيي نَفْسَهُ! ثُمَّ قَرَأَ {أَفَتَأْتُوْنَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُوْنَ} (الأَنْبِيَاء:3) فَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ لَنْ تُرَاعُوا، إنَّمَا أَرَدْتُ السَّاحِرَ. فَأَخَذَهُ الأَمِيْرُ فَحَبَسَهُ (وَأَمَرَ بِهِ الوَلِيْدُ دِيْنَارًا - صَاحِبَ السِّجْنِ؛ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا - فَسَجَنَهُ، فَأَعْجَبَهُ نَحْوُ الرَّجُلِ، فَقَالَ: أَتَسْتَطِيْعُ أَنْ تَهْرُبَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاخْرُجْ لَا يَسْأَلْنِي اللهُ عَنْكَ أَبَدًا). فَبَلَغَ ذَلِكَ سَلْمَانَ، فَقَالَ: بِئْسَ مَا صَنَعَا! لَمْ يَكُنْ يَنْبَغي لِهَذَا - وَهُوَ إِمَامٌ يُؤْتَمُّ بِهِ - يَدْعُو سَاحِرًا يَلْعَبُ بينَ يَدِيْهِ، وَلَا يَنْبَغِي لِهَذَا أَنْ يُعَاتِبَ أَمِيْرَهُ بِالسَّيْفِ). (?) (?)
- قَوْلُهُ (وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ): القَذْفُ: بِمَعْنَى الرَّمِيُ، وَالمُرَادُ بِهِ هُنَا الرَّمْيُ بِالزِّنَا، وَالمُحْصَنَاتُ هُنَا الحَرَائِرُ، وَهُوَ الصَّحِيْحُ.
- قَوْلُهُ (الغَافِلَاتُ): هُنَّ العَفِيْفَاتُ عَنِ الزِّنَا؛ البَعِيْدَاتُ عَنْهُ؛ اللَّاتِي لَا يَخْطُرُ عَلَى بَالِهِنَّ هَذَا الأَمْرُ، وَ (المُؤْمِنَاتُ) احْتِرَازًا مِنَ الكَافِرَاتِ. (?)
وَقَدْ جَعَلَ اللهُ عَلَى القَاذِفِ ثَلَاثَةَ أُمُوْرٍ، قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِيْنَ يَرْمُوْنَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوْهُمْ ثَمَانِيْنَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُوْنَ} (النُّوْر:4).
وَقَذْفُ المُحْصَنِيْنَ الغَافِلِيْنَ المُؤْمِنِيْنَ كَقَذْفِ المُحْصَنَاتِ هُوَ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوْبِ، وَإنَّمَا خَصَّ بِذَلِكَ المَرْأَةَ؛ لِأَنَّ الغَالِبَ أَنَّ القَذْفَ يَكُوْنُ لِلنِّسَاءِ أَكْثَرُ؛ إِذِ البَغَايَا كَثِيْرَاتٌ قَبْلَ الإِسْلَامِ، وَقَذْفُ المَرْأَةِ أَشَدُّ، لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الشَّكَ فِي نَسَبِ أَوْلَادِهَا مِنْ زَوْجِهَا؛ فَيُلْحِقُ بِهَنَّ القَذْفُ ضَرَرًا أَكْبَرَ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الغَالِبِ.