- قَوْلُهُ (وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزّحْفِ): التَّوَلِّي: الإِدْبَارُ وَالإعْرَاضُ، وَيَوْمُ الزَّحْفِ: هُوَ يَوْمُ تَلَاحُمِ الصَّفَّيْنِ فِي القِتَالِ مَعَ الكُفَّارِ. (?)
وَالحَدِيْثُ خَصَّهُ القُرْآنُ بِثَلَاثَةِ اسْتِثْنَاءَاتٍ:
1) أَنْ يَكُوْنَ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ - أَيْ: مُتَهَيِّئًا لَهُ - كمَنْ يَنْصَرِفُ لِيُصْلِحَ مِنْ شَأْنِهِ أَوْ يُهَيِّأَ الأَسْلِحَةَ وَيُعِدَّهَا، وَمِنْهُ الانْحِرَافُ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ يَأْتِي العَدُوُّ مِنْ جهَتِهِ، فَهَذَا لَا يُعَدُّ مُتَوَلِّيًا، إِنَّمَا يُعَدُّ مُتَهَيِّئًا.
2) أَنْ يَتَحَيَّزَ إِلَى فِئَةٍ، كَمَا إِذَا حُصِرَتْ سَرِيَّةٌ لِلمُسْلِمِيْنَ يُمْكِنُ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهَا العَدُوُّ؛ فَانْصَرَفَ مِنْ هَؤُلَاءِ لِيُنْقِذَهَا، وَدَلِيْلُ هَذِيْنِ الأَمْرَيْنِ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيْرُ} (الأَنْفَال:16).
3) إِذَا كَانَ الكفَّارُ أَكْثَرَ مِنْ مِثْلَي المُسْلِمِيْنَ، فَيَجُوْزُ الفِرَارُ حِيْنَئِذٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيْكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِيْنَ) (الأَنْفَال:66). (?)
- قَوْلُهُ (وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِيْ حَرَّمَ الله إِلَاّ بِالحَقِّ): المُرَادُ بِالنَّفْسِ هُنَا: بَدَنُ الآدَمِيِّ الَّذِيْ فِيْهِ الرُّوْحُ.
وَقَوْلُهُ (إلَّا بِالحَقِّ) أَيْ: مِمَّا يُوْجِبُ القَتْلَ، كَالثَّيِّبِ الزَّانِي، وَالنَّفْسِ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكِ لِدِيْنِهِ المُفَارِقِ لِلجَمَاعَةِ. كَمَا فِي صَحِيْحِ البُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ مَرْفُوْعًا. (?)