- قَوْلُهُ تَعَالَى {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}: هَذَا مَعْنَى (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) بِالمُطَابَقَةِ؛ يَعْنِي أُحْصُرُوا العِبَادَةَ فِيْهِ وَحْدَهُ دُوْنَ مَا سِوَاهُ.
- قَوْلُهُ تَعَالَى {وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}: هَذِهِ أَيْضًا فِيْهَا إِثْبَاتٌ وَنَفْيٌ، فَالأَمْرُ هُوَ أَنْ يُعْبَدَ اللهُ تَعَالَى وَحْدَهُ دُوْنَ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ شَيْءٌ، وَإِنَّ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي قَوَاعِدِ اللُّغَةِ أَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْي تُفِيْدُ العُمُوْمَ، أَيْ أَنَّ كَلِمَةَ (شَيْئًا) جَاءَتْ نَكِرَةً فِي سِيَاقِ النَّفْي (لَا تُشْرِكُوا) فَصَارَ المَعْنَى: النَّهْيُ عَنْ أَيِّ شِرْكٍ مَهْمَا كَانَ صَغِيْرًا أَوْ كَبِيْرًا.
- قَوْلُهُ تَعَالَى {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}: فِيْهِ بَيَانُ أَوَّلِ المُحَرَّمَاتِ وَهُوَ الشِّرْكُ بِاللهِ تَعَالَى، ثُمَّ اخْتَتَمَ الآيَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُوْنَ} فَصَارَ فِيْهِ بَيَانُ أَنَّ هَذِهِ هِيَ وَصِيَّةُ اللهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الوَصِيَّةَ بِأَمْرٍ مَا تَدُلُّ عَلَى أَهَمِّيَّتِهِ.
- فِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى وَصِيَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِرْشَادٌ إِلَى أَنَّ آخِرَ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ حَيَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ وَصَّى بِهَذِهِ الأُمُوْرِ، وَأَوَّلُهَا وَأَهَمُّهَا التَّوْحِيْدُ. (?)
وَقَدْ سَبَقَ فِي أَوَّلِ البَابِ بَيَانُ أَنَّ أَوَّلَ دَعْوَةِ الرُّسُلِ كَانَ الإِرْشَادُ إِلَى التَّوْحِيْدِ، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ التَّوْحِيْدَ هُوَ أَصْلُ الشَّرَائِعِ وَأَعْظَمُهَا. (?)
- فِي حَدِيْثِ مُعَاذٍ بَيَانُ أَنَّ للهِ تَعَالَى حَقًّا عَلَى العِبَادِ وَهُوَ التَّوْحِيْدُ، مِمَّا يَسْتَدْعِي الوَفَاءَ بِهِ للهِ تَعَالَى؛ وَأَنْ يُنْشَرَ بَيْنَ النَّاسِ وَيُرْشَدُوا إِلَيْهِ.
- فِي حَدِيْثِ مُعَاذٍ بَيَانُ أَنَّ لِلعِبَادِ حَقًّا عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَهُوَ أَنْ يُدْخِلَهُم الجَنَّةَ وَلَا يُعَذِّبَهُم إِذَا لَمْ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَلَكِنَّهُ مَقْرُوْنٌ بِعَدَمِ الشِّرْكِ لَا الأَكْبَرِ وَلَا الأَصْغَرِ، وَإِنَّ الإِصْرَارَ عَلَى المَعَاصِي قَادِحٌ فِي كَمَالِ التَّوْحِيْدِ وَتَمَامِ النَّجَاةِ، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّوْبَةِ بَعْدَ كُلِّ صَغِيْرَةٍ وَكَبِيْرَةٍ.
- قَوْلُهُ (فَيَتَّكِلُوا): أَيْ: يَتَّكِلوا عَلَى مُجَرَّدِ التَّوْحِيْدِ؛ فَلَا يَتَنَافَسُوْنَ فِي الأَعْمَالِ؛ فَيَخْسَرُوْنَ بِذَلِكَ الدَّرَجَاتِ الرَّفِيْعَةَ فِي الجَنَّةِ - جَعَلَنَا اللهُ مِنْ أَهْلِهَا -.