التورق المصرفي (صفحة 110)

في التَّورُّق يقوِّم السِّلعة في الحال، ثم يشتريها إلى أجلٍ بأكثر من ذلك، فإن الرجل يأتي فيقول: أريد ألف درهم، فيخرج له سلعة تساوي ألف درهم، فإذا قوَّمها بألف قال: اشتريها بألف ومئتين (?).

ويمكن أن يناقش الاستدلال بهذا الأثر:

أن السلف -رحمهم الله- كانوا يكرهون مشابهةَ صورةِ التعاقد المحرَّم، ولذلك يقولُ ابنُ تيمية: "حُفظ عن ابن عمر، وابن عباس، وغير واحد من السلف أنهم كرهوا (ده دوازده) (?)؛ لأن لفظه: أبيعك العشرة باثني عشر، فكرهوا هذا الكلام لمشابهته الرِّبا" (?).

وبناء على هذا فإن قول ابن عباس محمول على كراهة أن تكونَ صورة التعاقد المباح مشابهة لصورة التعاقد المحرم، وكُره ذلك؛ لأن المشابهة في الصُّورة قد تؤولُ إلى مشابهة حقيقية.

الدليل الثالث: أن التَّورُّق يشابهُ الرِّبا؛ لأن بعضَ المعاني التي لأجلها حرم الله الرِّبا موجودةٌ في التَّورُّق، وهذا هو الذي جعل عمرَ بن عبد العزيز يقول: "التَّورُّق آخية الرِّبا" أي: أصل الرِّبا، فإن الله سبحانه حرم أخذ دراهم بدراهم أكثر منها، لما في ذلك من ضرر، وأكل للمال بالباطل، وهذا موجودٌ في التَّورُّق (?).

ويمكن أن يُناقَشَ هذا الدليل بالآتي:

أن التَّورُّق لا يشابهُ الرّبا، بدليل أننا إذا وضعنا الرِّبا والتُّورُّق على ميزان المقارنة، وجدنا الفوارقَ الشاسعة بين الرِّبا والتَّورُّق، وبيانُ هذا يتَّضح في ثلاثة أمور:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015