ذَلِك مِمَّا أخبر الله عَن الْمُنَافِقين أَنهم كفرُوا وَالْكفْر ضد الْإِيمَان وبالإيمان ننتهى عَن الْكفْر وَقَالَ الله تَعَالَى {إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف} وَقَالَ تَعَالَى {وَمن يفعل ذَلِك يلق أثاما} إِلَى آخر تِلْكَ الْآيَات
وَإِذ ثَبت أَن الْمُنَافِقين كفرة فِي التَّحْقِيق كذبة فِي قَوْلهم بِمَا قَالَ الله وَالله يشْهد أَن الْمُنَافِقين لَكَاذِبُونَ وَقَالَ {يَوْم يَبْعَثهُم الله جَمِيعًا} أخبر أَنهم كذبة فَجعل قَول الْإِسْلَام مِنْهُم على جحوده الْقلب كذبا فَمن جعل ذَلِك إِيمَانًا وَالْإِيمَان فِي اللُّغَة هُوَ التَّصْدِيق فقد جعل الشَّيْء ضِدّه وَذَلِكَ فَاسد وَقَالَ {لَا تعتذروا قد كَفرْتُمْ بعد إيمَانكُمْ} وَقَالَ {سيحلفون بِاللَّه لكم إِذا انقلبتم إِلَيْهِم} وَقَالَ {ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل وَللَّه الْعِزَّة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمنِينَ وَلَكِن الْمُنَافِقين لَا يعلمُونَ} أخبر أَنهم كفرة وَأَنَّهُمْ لَا يعلمُونَ لمن الْعِزَّة وَأَنَّهَا لمن ذكر وَلَو كَانُوا مِنْهُم لكَانَتْ لَهُم وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
مَعَ مَا جعل الله ذَلِك مِنْهُم استهزاء ومخادعة وسخرية وَأوجب لَهُم جَزَاء ذَلِك وَلم يجز أَن يكون الْإِيمَان هَذَا وَصفه وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَقد قَالَ الله {إِلَّا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان} لم يَجْعَل لَهُم كفر بِاللِّسَانِ إِذا لم يكن عبارَة عَن الْقلب وَمنع ذَلِك بِإِيمَان الْقلب فَثَبت أَن الْقلب هُوَ مَوضِع الْإِيمَان وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق