وَلَيْسَ بِمَا يُقَاتلُون إِلَى أَن يشْهدُوا بِاللِّسَانِ دَلِيل أَن ذَلِك هُوَ الْإِيمَان أَو لَا إِيمَان بالقلوب بل ذَلِك مِنْهُم دَلِيل الْإِيمَان وَعبارَة عَنهُ فَيقبل قَوْلهم فِي الْأَحْكَام الظَّاهِرَة بِحَق الْعبارَة بِمَا لَا سَبِيل لنا إِلَى حَقِيقَة الْعلم بِهِ وعَلى ذَلِك عَامَّة الْأُمُور بَين الْخلق مَحْمُولَة على مَا يحْتَملهُ وسعهم من المعارف وَإِن كَانَت لَهَا حقائق غَيرهَا مَعَ مَا كَانَ فِي الَّذِي بَينا دلَالَة ذَلِك وَكَذَلِكَ الْأَمر المتوارث فِي التَّفْصِيل بَين الْكَفَرَة وَبَين الْمُؤمنِينَ بالإعلام وأنواع أَو المخالطة من الْأَهْل وَإِن لم يكن تِلْكَ بِكفْر وَلَا إِسْلَام فَمثله أَمر الْعبارَة بِاللِّسَانِ وعَلى هَذَا مَا بَينا من الْآيَات فِي الْعلم بِالْإِيمَان وَأمر الْقُلُوب فِيمَا جَاءَ بِهِ النُّصُوص فَمثله الَّذِي نَحن فِيهِ وَالله أعلم
وعَلى ذَلِك أَمر الْمُكْره على الْكفْر وَقَول نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا يعبر عَمَّا فِي قلبه لِسَانه وعَلى مَا ذكرت أَمر الْأَمْلَاك والشهادات وأنواع الْمذَاهب فِي الْأَدْيَان بِمَا علمه ذَلِك الْأُمُور الظَّاهِرَة فَمثله حكم الْقبُول وَقد تَجِد الله أَمر بِأَن يُقَاتل ليعطوا الْجِزْيَة وَأَن يجاروا إِلَى أَن يسمعوا كَلَام الله وَفِي ذَلِك التّرْك بَين الْمُسلمين يتعيشون لينظروا فِي أُمُورهم ويتدبروا فِي أحكامهم فيعلموا بذلك حقائقها وَإِن كَانَ لَا يحْتَمل تأسيسها على مَا فِيهَا من تأليف الْقُلُوب وَدفع التظالم وأنواع الْفساد إِلَّا بِاللَّه لِيَطمَئِن قُلُوبهم بِالْإِيمَان وَيحْتَمل أنفسهم الْإِجَابَة إِلَى الْإِسْلَام فَمثله فِي الدّين أظهرُوا الْإِيمَان بِاللَّه وَأَجَابُوا الْمُؤمنِينَ إِلَى مَا عِنْدهم من الْأَحْكَام وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
ثمَّ يُقَال لَهُم فَإِن كَانَ مَا يقبل مِنْهُم من الْإِيمَان فِي ظواهر الْأَحْكَام بِاللِّسَانِ دَلِيلا على أَنه خَاصَّة فَلَمَّا حرمُوا بِهِ الغفران والموعود على الْإِيمَان من النَّعيم الدَّائِم وَالثَّوَاب الجزيل ثمَّ بِمَا لَا يجوز لَهُم عبَادَة فِي الْحَقِيقَة وَلَا ينالون بهَا فَضِيلَة عِنْد الله دَلِيل على أَنهم لَيْسُوا بمؤمنين وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه