أخبر أَن الله تَعَالَى أعلم بإيمانهن وَلَو كَانَ الْإِيمَان لَيْسَ إِلَّا القَوْل بِاللِّسَانِ لَكَانَ كل سامع وَاحِد فِي الْعلم وَقَالَ تَعَالَى {ويحلفون بِاللَّه إِنَّهُم لمنكم وَمَا هم مِنْكُم} أخبر أَنهم كذبُوا فِي ذَلِك وَقَالَ {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ} وَلَو لم يكن غير اللِّسَان لم يكن لينفى إِيمَانهم بِوُجُود الْحَرج فِي الْأَنْفس وَقَالَ تَعَالَى {فَمن مَا ملكت أَيْمَانكُم من فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات} ثمَّ قَالَ {وَالله أعلم بإيمانكم} بَين أَن الْإِيمَان حَقِيقَة حَيْثُ يعلم الله بِهِ وَحده وَقَالَ تَعَالَى {وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه وباليوم الآخر وَمَا هم بمؤمنين} نفى أَن يكون الَّذِي قَالُوا بألسنتهم إِيمَانًا إِذا خَالَفت قُلُوبهم ذَلِك وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
ثمَّ إِن الله عز وَجل وعد للْمُؤْمِنين الثَّوَاب الدَّائِم وَأخْبر فِي الْمُنَافِقين أَنهم فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار فَلَو كَانَ مَا أظهرُوا إِيمَانًا فِي الْحَقِيقَة لَكَانَ حَقه على الْمَوْعُود الْجنَّة لَا الزِّيَادَة على عُقُوبَة الْكفْر وَقَالَ تَعَالَى {يخادعون الله وَالَّذين آمنُوا} صير إِيمَانهم الَّذِي أظهرُوا مخادعة الله فَمن زعم أَن مرتبَة دين الْإِسْلَام وَالْإِيمَان بالأنبياء وَبِاللَّهِ وَبِمَا أرسلهم بِهِ يحصل على مخادعة الله فَهُوَ عَظِيم القَوْل فِي دين الله جَاهِل بربه وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَقَالَ الله عز وَجل {سَوَاء عَلَيْهِم أَسْتَغْفَرْت لَهُم أم لم تستغفر لَهُم} وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا مَنعهم أَن تقبل مِنْهُم نفقاتهم إِلَّا أَنهم كفرُوا بِاللَّه وبرسوله} وَغير