قَالَ الْفَقِيه رَحمَه الله اخْتلف منتحلو الْإِسْلَام فِي أَفعَال الْخلق فَمنهمْ من جعلهَا لَهُم مجَازًا وحقيقتها لله بأوجه أَحدهَا وجوب إضافتها إِلَى الله على مَا أضيف إِلَيْهِ خلق كل شَيْء فِي الْجُمْلَة فَلم يجز أَن يكون الْإِضَافَة إِلَى الله مجَازًا لِأَنَّهُ الْفَاعِل الْحق والقادر الَّذِي لَا يعجزه شَيْء وَفِي ذَلِك إِخْرَاج عَن قدرته وَإِزَالَة عَن حَقِيقَة فعله وَقد أضيف كثير مِمَّا لَا يشك على أَن الله هُوَ منشئه إِلَى الْعباد بالحرف الَّذِي هُوَ حرف الْعِبَادَة عَن الْأَفْعَال كالموت والحياة والطول وَالْقصر الْحَرَكَة والسكون والإجتماع والتفرق وَالله سُبْحَانَهُ لكل ذَلِك فَاعل وعَلى كُله قَادر فَمثله مَا ذَكرْنَاهُ وَإِضَافَة ذَلِك فِي الْقُرْآن ظَاهر وَذهب هَؤُلَاءِ فِي التعذيب وَنَحْو ذَلِك إِلَى أَن لَهُ الْخلق وَالْأَمر بكليته لَهُ فِي ذَلِك مَا شَاءَ على مَا قدر كل مَالك فِي ملكه مَا لَهُ فِيهِ وَإِن كَانَ ذَلِك كُله على هَذَا القَوْل مجازى وَالثَّانِي أَن بتحقيق الْفِعْل لغيره تشابها فِي الْفِعْل وَقد نفى الله ذَلِك بقوله {أم جعلُوا لله شُرَكَاء خلقُوا كخلقه فتشابه الْخلق عَلَيْهِم} وَإِذا لم يكن حَقِيقَة الْأَمْلَاك فِي الْجَوَاهِر وَفِي الْإِلْزَام يَقع تشابه فِي الْملك فَمثله فِي الْأَفْعَال وَأَيْضًا أَنه لَو جعل للْعَبد إِيجَاد وَإِخْرَاج من الْعَدَم لَكَانَ فِي معنى {خلق} فَيلْزم اسْم {خَالق} وَذَلِكَ مِمَّا أَبَاهُ الْجَمِيع حَيْثُ قَالُوا لَا خَالق إِلَّا الله
قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله وَعِنْدنَا لَازم تَحْقِيق الْفِعْل لَهُم بِالسَّمْعِ وَالْعقل والضرورة الَّتِي يصير دَافع ذَلِك مكابرا فَأَما السّمع فَلهُ وَجْهَان الْأَمر بِهِ والنهى عَنهُ وَالثَّانِي الْوَعيد فِيهِ والوعد لَهُ على تَسْمِيَة ذَلِك فِي كل هَذَا فعلا من نَحْو قَوْله {اعْمَلُوا مَا شِئْتُم} وَقَوله {وافعلوا الْخَيْر} وَفِي الْجَزَاء {يُرِيهم الله أَعْمَالهم حسرات}