وَقَوله {جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ} وَقَوله {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة} وَغير ذَلِك مِمَّا أثبت لَهُم أَسمَاء الْعمَّال ولفعلهم أَسمَاء الْفِعْل بِالْأَمر والنهى والوعد والوعيد وَلَيْسَ فِي الْإِضَافَة إِلَى الله سُبْحَانَهُ نفى ذَلِك بل هِيَ لله بِأَن خلقهَا على مَا هِيَ عَلَيْهِ وأوجدها بعد أَن لم تكن وللخلق على مَا كسبوها وفعلوها على أَن الله إِذا أَمر وَنهى ومحال الْأَمر بِمَا لَا فعل فِيهِ للْمَأْمُور أَو المنهى قَالَ الله تَعَالَى {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان} وَلَو جَازَ الْأَمر بذلك بِلَا معنى الْفِعْل فِي الْحَقِيقَة لجَاز الْيَوْم الْأَمر بِشَيْء يكون لأمس أَو للعام الأول أَو بإنشاء الْخَلَائق وَإِن كَانَ لَا معنى لذَلِك فِي أَمر الْخلق ثمَّ فِي الْعقل قَبِيح إِن انضاف إِلَى الله الطَّاعَة وَالْمَعْصِيَة وإرتكاب الْفَوَاحِش والمناكير وَأَنه الْمَأْمُور والمنهى والمثاب والمعاقب فَبَطل أَن يكون الْفِعْل من هَذِه الْوُجُوه لَهُ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأَيْضًا إِن الله تَعَالَى إِنَّمَا وعد الثَّوَاب لمن أطاعة فِي الدُّنْيَا وَالْعِقَاب لمن عَصَاهُ فَإِذا كَانَ الْأَمْرَانِ فعله فَإِذا هُوَ المجزى بِمَا ذكر وَإِذا كَانَ الثَّوَاب وَالْعِقَاب حَقِيقَة فالائتمار والإنتهاء كَذَلِك وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَكَذَلِكَ فِي أَنه محَال أَن يَأْمر أحد نَفسه أَو يطيعها أَو يعصيها ومحال تَسْمِيَة الله عبدا ذليلا مُطيعًا عَاصِيا سَفِيها جَائِزا وَقد سمى الله تَعَالَى بِهَذَا كُله أُولَئِكَ الَّذين أَمرهم ونهاهم فَإِذا صَارَت هَذِه الْأَسْمَاء فِي التَّحْقِيق لَهُ فَيكون هُوَ الرب وَهُوَ العَبْد وَهُوَ الْخَالِق والمخلوق وَلَا غير ثمَّة وَذَلِكَ مَدْفُوع فِي السّمع وَالْعقل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأَيْضًا أَن كل أحد يعلم من نَفسه أَنه مُخْتَار لما يَفْعَله وَأَنه فَاعل كاسب