وكذلك لو قذف المشهود عليه الشاهدين بعد الشهادة قب الحكم لا تسقط شهادتهما، ويحكم بها؛ لأن العداوة أمر حدث بعد الشهادة؛ فلا يورث ريبة فيما مضى؛ لأن العداوة لا تستبطن؛ فلم تمنع الحكم.
أما إذا فسقوا بعد القضاء، أو ارتدوا، فلا ينقض القضاء؛ كما لو تغير- اجتهاد القاضي قبل الحكم لا يحكم، ولو تغير بعد القضاء لا ينقض. وكذلك لو رجع الشهود عن الشهادة قبل الحكم، لا يجوز أن يحكم بشهادتهم، ولو رجعوا بعد الحكم والاستيفاء، لا ينقض الحكم. ويأتي الكلام في الغرم.
وإن رجعوا بعد الحكم قبل الاستيفاء؛ نظر: إن كان حداً لله- تعالى- فلا يجوز الاستيفاء؛ لأنه يسقط بالشبهة رجوعهم عن الشهادة؛ فوقع شبهة فيه. وإن كان مالاً أو عقداً، ففيه وجهان:
أصحهما- وهو المنصوص-: أنه يستوفى؛ لأن الشبهة لا تؤثر فيه، وقد نفذ الحكم به؛ فلا يرد.
والثاني: لا يستوفي؛ لأن الرجوع حصل قبل استقرار الحكم.
وإن كان عقوبة للعباد؛ مثل: القصاص، وحد القذف: فمن أصحابنا من قال- وهو الأصح-: لا يستوفي؛ لأنه يدرأ بالشبهة؛ كحدود الله تعالى.
والثاني: حكمه حكم المال؛ لأن مبنى حقوق العباد على الضيق.
وقيل في النكاح: هل يسلم حكمه حكم القذف والقصاص، ولو فسق الشهود أو ارتدوا بعد الحكم قبل الاستيفاء، حكمه حكم الرجوع.
فصل في اختلاف الشهود
لا تثبت السرقة إلا بشاهدين.
ويجب بيان قدر المال في الشهادة، ووصف الحرز وتسمية المسروق منه.
ويشترط اتفاق الشادين في الشهادة، فلو شهد أحد الشاهدين؛ أنه سرق من فلان كذا، ووصفه غدوة، وشهد الآخر؛ أنه سرق ذلك الشيء بعينه عشية- لا يثبت به القطع، ويحلف المدعي مع أحد الشاهدين، ويأخذ الغرم؛ لأن المال يثبت بشاهد ويمين.
أما إذا شهد الشاهدان أنه سرق ثوباً أو كبشاً؛ صفته كذا غدوة، وشهد آخر؛ أنه شهد ذلك الثوب، أو الكبش بعينه عشية- فقد تعارضت البينتان؛ فلا يحكم بواحد منهما؛ بخلاف