المسألة الأولى؛ لأن هناك لم يقع التعارض في الحجة؛ لأن الشاهد الواحد لا يكون حجة ما لم تنضم إليه اليمين، وهاهنا تعارضت الحجتان؛ فسقطتا.
أما إذا كان لم يعينا الكيس، بل شهد أحدهما؛ أنه سرق كبشاً غدوة، وشهد الآخر؛ أنه سرق كبشاً عشية، أو شهد أحدهما؛ أنه سرق ثوباً أبيض، وشهد الآخر؛ أنه سرق ثوباً أسود- فلا قطع، وللمدعي أن يحلف مع أيهما شاء وأخذ الغرم. وإن ادعاهما جميعاً، حلف مع كل واحد منهما، وحكم له بهما.
أما إذا شهد شاهدان؛ أنه سرق كبشاً غدوة وشهد آخران؛ أنه سرق كبشاً عشية- وجب القطع، والغرم فيهما، لأنهما سرقتان كملت حجة كل واحد منهما.
ولو شهد أحد الشاهدين؛ أنه سرق ثوباً قيمته ربع دينار، وشهد آخر؛ أنه سرق ذلك الثوب بعينه، وقيمته ثمن دينار- يثبت الأقل؛ لاتفاقهما عليه، ويحلف مع الآخر على الزيادة؛ كما لو شهد أحدهما؛ أنه سرق ربع دينار، وشهد الآخر؛ أنه سرق ثمن دينار- يثبت الأقل، ولا يجب القطع.
أما إذا شهد شاهدان؛ أنه سرق ثوباً قيمته ربع دينار، أو أتف ثوباً قيمته ربع دينار، وشهد آخر؛ أن قيمته ثمن دينار- يثبت الأقل عندنا أيضاً؛ لاتفاق الشهود عليه، ووقع التعارض في الزيادة.
وعند أبي حنيفة: يحكم بالأكثر.
وبالاتفاق: لا يجب القطع؛ وبمثله: لو شهد شاهدان؛ أنه سرق قطعة ذهب، وزنها ربع دينار، وشهد آخران؛ أن وزنها ثمن دينار- يثبت الأكثر بالاتفاق؛ لأن عند من شهد بالأكثر زيادة علم، بخلاف المسألة الأولى؛ لأن اختلافهما ثم في القيمة، وهي بالاجتهاد، وقد يعلم شاهد الأقل به عيباً ينتقص قيمته؛ ولا يجب القطع بالشبهة. والله أعلم.
باب الرجوع عن الشهادة
إذا شهد الشهود بحق، ثم رجعوا بعد الحكم والاستيفاء، أو بعد الحكم قبل الاستيفاء، وقلنأ: يستوفي- هل يجب الغرم على الشهود أم لا؟
لا يخلو: إما إن كان شيئاً لا يمكن تداركه، أو يمكن؛ فإن لم يمكن تداركه؛ مثل: أن يشهدوا بقتل، أو قطع، فاستوفي، أو بجلد؛ فجلد؛ فمات فيه المشهود عليه، ثم رجع