ولو كان مستحباً ما تركه.
وقيل: يستحب، وجعله مباحاً؛ لأن كل مستحب مباح.
وأما في حقوق العباد: فلا يجوز أن يلقنه ما يسقط، سواء كان مالاً، أو عقوبة؛ مثل: القصاص، وحد القذف، وفي السرقة لا يعرض له بما يسقط المال، إنما يلقنه ما يسقط القطع، لأن حقوق الله مبناها على المساهلة، ولذلك يستحب فيه الستر، وفي حقوق العباد يجب الإظهار.
قال النبي- صلى الله عليه وسلم- لرجل من أسلم يقال له: هزال: "يا هزال لو سترته بردائك؛ لكان خيراً لك".
وهل يجوز للحاكم أن يعرض للشهود بالتوق في حدود الله؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ لأنه يورث قدحاً في الشهود.
والثاني: يجوز، فإن عمر- رضي الله عنه- عرض لزياد في الشهادة على المغيرة، فقال: إني لأرجو ألا يفضح الله على لسانك أحداً من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- وكما يجوز أن يعرض للمقر بالتوقف.
فصل فيما يطرأ على الشهود بعد الشهادة
إذا شهد الشهود على إنسان بحق من: حد أو غيره، ثم مات الشهود قبل القضاء- يجوز للقاضي أن يقضي بشهادتهم، وإن كان قبل التعديل يعدلهم بعد الموت؛ فإن عدلوا، حكم بشهادتهم.
وكذلك لو غاب الشهود، أو عموا، أو خرسوا، أو جنوا قبل القضاء- يجوز للقاضي أن يقضي بشهادتهم إذا ثبت عندهم عدالتهم حالة الشهادة، وإن كان التعديل بعد حدوث هذه المعاني.
أما إذا فسق الشهود بعد الشهادة قبل الحكم، أو ارتدوا، لا يجوز أن يحكم بشهادتهم؛ لأن الفسق يوقع ريبة في شهادتهم المتقدمة؛ من حيث إن الناس يستبطنون الفسق، فإذا ظهر ذلك الفسق، لا يؤمن أن ذلك فيهم حالة الشهادة، فلم يجز ذلك الحكم؛ بخلاف الموت، والعمى.