أصحهما- وبه قال أبو حنيفة-: يجب عليهم الحد.

وكذلك لو شهد اثنان أنه زنى بـ"البصرة"، وآخران أنه زنا بـ"الكوفة"-لا يجب الحد على المشهود عليه؛ وهل يجب حد القذف على الشهود؟ فيه قولان:

وعند أبي حنيفة هاهنا: لا يحد الشهود مع قوله: إن الشهود إذا انتقص عددهم يحدون. وقال في شهود الزوايا: القياس أنهم قذفة يحدون، لكن استحسن؛ فأرجمهما.

قال الشافعي: وأي استحسان في سفك دم امرأين مسلمين.

فلو شهد ثلاثة بالزنا وفسروه، وشهد الرابع ولم يذكر الزنا، بل فسره بما لا يكون زنا؛ كقوله: رأيت نفساً يعلو وإستا [ينبو]- فلا حد على المشهود عليه، ولا يجب حد القذف على الرابع، وفي الثلاثة قولان:

ولو شهد أربعة على الزنا، ثم فسره ثلاثة بالزنا، وفسره الرابع بما ليس بزنا- لا يجب الحد على المشهود عليه، ويجب حد القذف على الرابع قولاً واحداً، لأنه قذفه بالزنا؛ وهل يجب حد القذف على الثلاثة؟ فيه قولان:

ولو شهد أربعة بالزنا، ومات واحد منهم قبل أن يفسر، وفسره الآخرون بالزنا- لا يجب الحد على المشهود عليه؛ لجواز أن يكون الرابع يفسر بما ليس بزنا، ولا يجب حد القذف على الثلاثة؛ لجواز أن يكون الرابع يفسره بالزنا؛ فيسقط الحدان بالشبهة.

ومن أقر بين يدي الحاكم بما يوجب عقوبة لله تعالى، أو ادعى عليه العقوبة- يجوز للحاكم أن يعرض له بالرجوع، ويلقنه ما يوجب سقوط [العقوبة] فيقول في الزنا: لعلك فاخذت أو لمست؛ فإن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال لماعز: "لعلك قبلت، أو غمزت، أو نظرت"، ويقول في شرب الخمر: لعل ما شربته لم يكن مسكراً، أو لعلك لم تعلم كونه مسكراً.

وفي السرقة يقول: لعلك غصبت، أو أخذت من غير حرز أو أخذت بإذن المالك؛ كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم- للسارق: "لا إخالك سرقت".

فإن قيل: إذا ثبت هذا التعريض بالحديث، فهلا قلتم: إنه يستحب؟

وقال الشافعي- رحمه الله-: لا بأس به. فجعله مباحاً.

قلنا: بل هو مباح، والإمام فيه مخير؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- قد فعله، وتركه كان أكثر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015