قال أحمد بن خالد: لم يُعط أحد من أهل العلم بالأندلس منذ دخلها الإسلام من الحظوة وعظم القدر، وجلالة الذكر ما أُعطي يحيى بن يحيى.
واختلف في وقت وفاته، فقيل: توفى سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، وقيل: توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين.
وكان يأتي الجامع يوم الجمعة، راجلاً معمماً.
قال القاضي أبو الوليد بن الفرضي: يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس بن شمال ابن منغايا، يُكنى: أبا محمد.
قال الأصيلي: ويحيى هو المكنى بأبي عيسى، وهو من مصمودة طنجة، ويتولى بني ليث، ولا يعلم على الصحة سبب ذلك.
قال الرازي في كتاب الاستيعاب: هو من مصمودة من مضارة قبيل منها.
دخل يحيى بن وسلاس مع ابن أخيه نصر بن عيسى في جيش طارق، وأسلم وسلاس بعدهم على يد يزيد بن عامر الليثي، وليث كنانة.
فهذا والله أعلم سبب انتمائهم إلى ليث.
قال الرازي: ثم دخل بعدهما كثير بن وسلاس وهو جد يحيى، وولي ابنه يحيى الجزيرة وشؤونه، وطلب يحيى ابنه العلم.
قال الشيرازي: رحل يحيى بن يحيى إلى مالك وهو صغير، وتفقه بالمدنيين والمصريين من أصحابه.
قال ابن الفرضي: وسمع منه رجال الأندلس في وقته، وكان آخر من حدّث عنه ابنه عبد الله.
وقال الذهبي: سمع أولاً من الفقيه زياد بن عبد الرحمن شبطون، ويحيى ابن مضر، وطائفة.
ثم ارتحل إلى المشرق في أواخر أيام مالك الإمام، فسمع منه الموطأ، سوى أبواب من الاعتكاف، شك في سماعها منه، فرواها عن زياد شبطون عن مالك، وسمع من الليث ابن سعد، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن ابن القاسم العتقي، وحمل عن ابن القاسم عشرة كتب سؤالات ومسائل، وسمع من ابن القاسم بن عبد الله العمري، وأنس بن عياض الليثي.
ويقال: إنه لحق نافع بن أبي نعيم مقرئ المدينة وأخذ عنه، وهذا بعيد، فإن نافعاً مات قبل مالك بعشر سنين.
وكان كبير الشأن، وافر الجلالة، عظيم الهيبة، نال من الرئاسة والحرية ما لم يبلغه أحد.